كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

لرأي بذاته، محفلاًالمواقفَ المختلفة، مبئنأ وجهة النظر لكل فريق، ذلك
اني كنتُ ولا أزالُ اعتقدُ أن الرايَ قد ينطوي على جانب من الصحة،
وجانب من الخطأ، وعلى جانبٍ من القوة، وجانب من الضعف، وأنّ
تبيق الحق في حاجةٍ إلى جهد عسير، وقد كان دابي ان ابحثَ عن الحقِّ
فأتبعه، ايأكانت النتائج التي تترتب عليه، ولستُ ازعمُ أني اهتديتُ دائمأ
إلى ما اردتُ من هذا الحق، ولكئي استطيع ان اؤكد مطمئن الضمير أني
كنت مُخلصأ للرأي الذي اقتنعتُ به، وإن جز هذا الإخلاصُ من المضرّة،
ما يحرص الكثيرون على اتقائه.
وهذا الموقف كفيل بأن يبدّد ما قد يكون بالخاطر من شبهة، فهذه
المذكرات لاتنصر رايأ على راي، إئما هي تصويز للحوادث كما وقعت في
الفترة التي تناولها الحديث، وتصوير كذلك لاتجاهات الراي المختلفة،
وقصدي من هذا التصوير ان يقفَ ابناء اليوم وابناءُ الغد على ما كان قائمأ
في نفوس آبائهم، ممن كان لهم في الميدان السياسي، وفي الحياة العامة
نشاط قل او كَئُر، وما كان لي من نشاطٍ في هذا الميدان با لتأييد والمعارضة،
وقد تحرّيت جهد استطاعتي ان يكونَ هذا التصويرُ بالغأ الدقة، ليؤدي
الغرضَ الذي قصدتُ إليه من وضع هذه المذكرات " (1).
والدكتور هيكل إنسانٌ يشتغل بالسياسة، وقد يكونُ لارائه بين
زملائه ما يجعله موضع الاستشارة، بل موضع الارتياح لما يبدي من
الآراء، وإذا كان (حزبُ الأحرار) الذي ينتمي إليه قد وقع في امورٍ لم تكن
مجالَ اتفاق الأكثرية التي تنتمي لحزب الوفد، فان محاميه الكبير قد يلجأ
إلى تبرير مواقف لا شك في خطئها الملموس، لأنَ الحزب هو صاحبُ
__________
(1) مذكرات في السياسة المصرية: 1/ 5.
128

الصفحة 128