كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

هذه المواقف، وهو الناطق بلسانه، ولا بد من أن يشرحَ وجهة نظره، وأن
ينساق إلى ما يريدهُ الحزبُ من تأييد، وقع هذا كثيراً فيما حكاه الدكتور
على مدى ما يقربُ من ألف صفحة في جزئين كبيرين.
كما أنّه في مواقف أخرى لم يكنْ راضياً عما صنعه رئيس الحزب،
فاندفع إلى إعلان رايه مخالفاًاتجاهه، وسجّلَ ذلك في (المذكرات)
صريحاً غير مجمجم ".
ونستشهد على الموقفين، موقف التأييد لما لايراه المنطق مستساغاً،
ولكئه رأي الحزب، ومنطق المعارضة الصريحة لما رأى رئيس الحزب،
ولم يوافق عليه الدكتور هيكل.
فمن موافقته على ما هو خطأ صريج ما ايّد به تعطيل الحياة النيابية
ثلاث سنوات، وهو عمل عدوانيّ جريء، يرجعُ بالبلاد إلى حكم
دكتاتوري غاشم، وقد وافق الدكتور هيكل عليه (1)، وبرّر وجودَه بأنَّ
الوزارة - وزارة الأحرار الدستورين - ترجو أن ثقضي خلال هذه السنوات
على الرجل 1 السياسي (الرئيس مصطفى النحاس زعيم الوفد)، وان تُقز
في البلاد الحكمَ النزيه، الذي يقوم من بعده نظام برلمان! في مثل
نزاهته، فالوزارة لاتدّعي انها صاحبة الكثرة في الانتخابات وهي لا تريدُ
استفتاء الشعب، لأنَ الشعب مضلَّلٌ، لا يمكنه أن يحكم على الأشياء
حكماً سليماً".
هذا الكلام صدًى لتحكّم فردي، وهو منطقُ من يستهين بإرادة
الشعب، ويعدُ خصومه أصحاب دجلٍ وتمويه، والواقع المشهود أنّهم
__________
(1) ا لمذكر ات: 1/ 2 9 2.
129

الصفحة 129