كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

زملائه للمداولة، ورأى أن العقوبة هي الإعدام، ذكر لهم أنّه رغم ا لاعتراف
يشك في ما قاله المعترف، لأنه لا يرى في سيماه شجاعةً تدفعه إلى القتل،
ئم أمر بمن يُحضر المتهم ئانيأ إلى غرفة المداولة، وجيء بالرجل الساذج،
فقال له إسماعيل صبري: أتدري انّ اعترافك هذا سيجعلنا نحكم عليك
بالإعدام؟. فكان جواب الرجل، ولكنّ العُمدة لم يقلْ لي هذا، بل قال لي
حين دفعَ لي الجنيهين إنّه سيُعفى عني، لأني كنتُ في السجن عند ارتكابِ
الحادثة، وقد تبيّن أنّ الرجلَ فعلاً كان في السجن، فلم يكن له في الحادثة
يد، وقضت المحكمة ببراءته ".
وتلك النادرةُ الأليمة تصوّر فساد العُمد في الأرياف، وكيف يقومون
بالجرائم، ئم يضسبونها إلى غير اصحابها بحيل غريبة، أو باغراءٍ ماليّ
يدفعهم إلى الاعتراف الكاذب جهلاً بما ينتظرهم من فادحِ القصاص.
وحديثه عن (عبد الخالق ثروت) ما زال جديداً، لأنّ هذا الزعيم
الكبير لم يجد من يخصه بتحليلٍ سياسي يبيق مواقفه التاريخية، وقد مضى
على رحيله أكثرُ من سبعين عامأ، وما جاء في كتب التاريخ شذورٌ تتصل
وتتقطع دون أن ترسم شخصية هذا السياسيّ المحنك بملامحها الساطعة،
ويمكنُ أن يقال ذلك في غيره من بعضِ من عناهم الكاتب الكبير بالتاريخ
والتحليل.
أعود فأقول: إنَّ كتاب (تراجم مصرية وغربيّة) من أنفس ما كتب
الدكتور هيكل، ويجب ان يكون مرجعأ لمن يكتب عن مصر في عصرها
الحديث.
***
134

الصفحة 134