كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

الاعترافَ بها في العالم جميعه، ومَن ذا يُنكر درجة السوربون حينئذٍ في
عالم الثقافة والتوجيه؟.
فكان يترك عمله المهنيئ بالمنصورة يومي الأربعاء والخميس،
ويأتي إلى القاهرة ليُلقي الدّروسَ التي اُنيطت به.
وقد سُئل عن محاضراته إذ ذاك كيفَ أهملها دون أن يقومَ بطبعها
للطلاب؟ فاعترف أنها ملخصاتٌ لمبادئ مقررة كان له فضْلُ صياغتها
فحسب، وانّ النتاج الدْي يطبعه الأستاذ الجامعي يجب ان يكونَ ذا جدة
وابتكار، وهذا لْواضعٌ منه، لأن مثله لا يقف عندَ حدود التلخيص، بل
يقدّم من التعفيبات ما يضيفُ الجديد، فليتَ ائذين يغمروننا الاَن من
الأساتذة الجامعيين بصحف تتوالى في كتب تتكزر سنوياً، وكلّها حافلةٌ
بالمُعاد المعروف مِنْ قواعد العلم، ويَعدون أنفسهم مؤلفين، ليت هؤلاء
يعلمون ما علمه هيكل - من ان رسالة الأستاذ الجامعي ليست جمع ما عُرف
في مذكرات تحمِلُ أسماء الكتب المنهجية - ليعدلوا ع! ن هذا الطريق.
وحين قامت الحرب العالمية الأولى، وضاقت الأحوالُ بمصْر
تحت وطأة الحكم العسكريّ القاهر، رأى الدكتور هيكل ألاّ مجالَ
للحديث عن السياسة، والغربُ يشتعل باللهيب، وقد امتد شواظُه إلى
الشرق، فأعْدَمَهُ الراحة، وسلبه خير البلاد، ليكونَ عتاداً لجيوشِ
الاحتلال قهراً دون اختيار.
وهنا فكر مع زملائه المفكرين في إصدار مجفةٍ أدبية ترعى شؤون
الفكر، ووجدوا في جريدة (السفور) التي كان يصدرها الأستاذ
(عبد الحميد حمدي) متنفساً لأقلامهم، وكان يزامل هيكل نفرٌ من شباب
مصر صاروا من بعدُ زعماء النهضة الأدبية الحديثة، وكان له محاوراتٌ
19

الصفحة 19