كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

قلمئة مع الدكتور (طه حسين) و (منصور فهمي).
بل إن طهَ كان يلخُ عليه أن يُعارِضَ اتجاهه حين حئذَ قيامَ الحروب
في مقالٍ ثائرٍ، بدعوى أنّها تجدد شباب القوة، وتهتى أسبابَ الاختراع
والتقدم العلمي.
وقد عارضَ هيكلُ هذا الادعاء، ولأنّه يعرفُ انّه تفكيرٌ سوفُسْطائي
يعتمد على الخلابة اللفظية دون ان يعتر عن إحساسٍ واقعيئ، وإلاّ فأقيُ
خيرٍ يصيبُ البشرية من إراقة الدّماء في غير إصلاح وارتقاءٍ؟! إنّ أبطال
الحروب الهجومية من أمثال (الإسكندر) و (جنكيز خان) و (نابوليون)
سفّاحون لا ابطالُ، إذ لا يدافعون عن حق مهضوم، بل يُريدون أمجاداً
تُساق إليهم، ويَحْلمون بخلود التاريخ عن طريق إراقة دماء الالاف من
الشهداء في غير ميدان حقيقي للنضال.
ويتبعَ ذلك إنشاءُ الحزب (الديمقراطي المصري)، وهو حزبٌ
اشترك هيكلُ في تأليفه معَ فريق من المفكّرين اكثرُهم من كُتاب جريدة
(السفور) وقد نادى باستفلال البلادِ عن طريق المقاومة بعد انتهاص الحرب
العالمية الأولى، وإعلانِ (ولسن) (1) عن حقوق الأمم شرْقاً وغرباً في
الاستقلال، وتقرير المصير، وقد انتشرتْ فكرة الحِزْب لدى المثقفين،
ولكنّه كان حِزْب أفراد يحلمون، لا حِزْبَ شعبٍ يتجمّع حول المبادى،
ولا يكفي ان يُنادي خمْسةُ ادباء باتجاهٍ خاصٍ ليكونوا زعماءَ حزبٍ ينطق
باسم جمهورٍ لا يكادُ يعرف عنهم شيئاً.
وقد جامَلَهُم (سعد زغلول) وعذَ عملهم خطوةً عمليةً في سبيل
(1) رئيس أمريكة في اثناء الحرب العالمية ا لأولى.
20

الصفحة 20