كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

الحقيقة، ثم يزعمون انّهم يدافعون عن حرية الفكر، ويُنكرون على
الأزهر حريته في الدفاع عن الدين، كأن الحرية وقفٌ عليهم وحدهم،
وليست سبيلاً للناس!.
لقد عرضتُ ماتورطتْ فيه جريدة (السياسة) برئاسة الدكتور هيكل،
لأني اكتُبُ للتاريخ، لا لأمخد شخصاً عَدلَ عن طريقه الى طريق مستقيم،
فسَلِمَ أمره فيما بعد، على أنّي لا انكرُ لَهُ وقفاتٍ صادقة في الدفاع عن قضايا
إسلامية، حاول بعض الناس أن يشوّهوا وجهها الصحيح، فوقفت جريدة
(السياسة) وقفةً صريحةً في وجوه هؤلاء، ونالت رضى المخلصين، ومن
أشرِف مواقفها الحاسمة، موقفُها من (التبشير) الّذي انتشرتْ فظائعه في
عهدِ حكومة (إسماعيل صدقي)، فقامَ الدكتور هيكل في جريدة (السياسة)
بمهاجمته عن حمئة، فكتبتْ كثر من ثلاثين مقالاً في هدم هذا العدوان (1)،
وقد أحصاها الأستاذ أنور الجندي في كتاب (الصحافة السياسية) مؤكداً أنّ
(السياسة) كانت بالغة الاهتمام بموضوع التبشير، ونقل بعض ما كتبه
الدكتور هيكل في هذا الصدد، ومثه هذه المعاني الصادقة (2):
"إنَّ تغريبَ الشرق إنما يُقصد منه قطع صلة الشرق بماضيه، جهد
المستطاع من كل ناحية من النواحي، وإذا امكن قطع صلة التفكير والعقيدة
بين الماضي والحاضر، امكنَ صبْغُ ماضي الشرق بلوْن قاتم مظلم، يرغبُ
عنه اهله، ويروْن فيه عاراً لهم بحُجَج هذا التغريب، وفقدتْ شعوبُ
الشرق صلتها بماضيها، ففقدتْ بذلك اَعظم جانبٍ مق حيويتها، وبقيتْ
(1)
(2)
عدوان القس زويمر المبشر الكريه، الذي اقتحم الأزهر ليوزع على علماء
المسلمين منشورات الصليبية الحاقدة! ا. (الناشر)
الصحافة السياسية، للأستاذ آنور الجندي، ص 8 0 6.
28

الصفحة 28