كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

في محيط السياسة
ليس من شأني في هذه الصفحات ان اُسْرفَ في الحديث عن اتجاه
هيكل السياسيئ، لأني آتحدثُ هنا عنه من زاوية اسلامية فحسب، ولكن
واجبَ التاريخ يقضي ان اشير في إيجاز إلى اتجاهه السياسيئ العام، ولما
كان الدكتور هيكل يراسُ تحرير جريدةِ تناوِئ الحزبَ الممثل للأمة بزعامة
(سعد زغلول)، فقد رايتُ ان اوضح بإيجاز اتجاه الكاتب الكبير من خلال
علاقته الشخصية بزعيم يعارضه، ويكتب المقالات ضدّ اتجاهه، لأنَ في
عرض الوجهتين المختلفتين ما يُرسلُ الأضواء الكاشفة لاتجاههما
المعارض في حَيدةِ وإنصاف.
نعم كان الدكتور (محمد حسين هيكل) يراسُ تحرير أكبر جريدة
تعارِضُ (سعد زغلول)، فهو بذلك يتحمل تبعةً ثقيلةَ، إذ يحاربُ اكثرية
ساحقة امام اقلية تستند في تركيبها الحزبيئ إلى اصول من الأرستقراطية
والثراء والجاه، ولا تحسّ بعواطف الطبقة الكادحة، إذ إن مهمة هيكل
في جريدة (السياسة) غير مُهمة (عبد القادر حمزة) او (عباس محمود
العقاد) في جريدة (البلاغ)، فالأول يسبحُ ضد التيار باذلاًاقصى جهده كي
يبلغ الشاطئ دون جراح، اما الاَخران فمع منطقهما المفحم، وسطوتهما
القاهرة، نجد انَ الأداةَ مهيّأ، والطريقَ معبد، وكانَ (سعد العظيم) يعرِفُ
مواهب الدكتور (هيكل)، ويرى في مقالاته المتدفقة الجياشة دليلَ موهبةٍ
قادرةٍ، لأن الدكتور (هيكل) رجلُ قانون قبل ان يكون كاتب صحيفة، فهو
34

الصفحة 34