كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

اما وقد كان ذلك فكل مَنْ يخالفه أو يخرج على رايه ليس خائناَ فحسب،
بل هو كافر" (1).
في هذا القول ما يرسمُ هولَ المجازفة التي يقومُ بها هيكل في
معارضة سعد، وافولُ هيكل بالذات وإن كان معه كوكبة من كبار الكتاب
مثل: (طه حسين) و (محمد توفيق دياب)، و (محمود عزمي)، لأئه كان
احرصَهم جميعاَ على الالتزام بالمنطق فيما يكتب، فلا يسمجُ لنفسه ا ن
يتطزق إلى اللغو الفاضح، ولا إلى أن يعْبث بالقارى سائقاَ إياه في متاهات
الخيال، وكانت دراسته القانونية التي نال بها درجة الدكتوراه ذات اثر في
تكوينه الأدبي، فقد استمزَ محافظاَ على رصانة الحجة في كلّ ما كتب،
حتى في القصص الفنية التي تجيز للفنان أن ينطلق فيها إلى ابعد مطارح
الخيال.
وقد سهّلَ الأمرَ بالنسبة لهيكل كي يَلقى سعداً في احرج فترات
الأزمة الدستورية أنَ الملك قد أقدم على حل البرلمان مرتيْن متتاليتيْن،
وَفَرضَ على الأمة حِزباَ صورياً لا يمثّل غير أعضائه، ليكونَ الواجهةَ
الحسنة في نظر من يصدقون ان الحزب اللقيط يعئر عنْ مشاعر الأمة،
وهذا ما يرفضُه سعد، وما يرفضه الأحرار الدستوريون معاً، وإذا اتحدت
الفكرتان في اتجاهِ واحدِ، فقد سهل سبيلُ اللقاء! لذلك حَرص الحزبان
معاَ على التفاهم.
وكان (محمد محمود باشا) وكيل حزب الأحرار إذ ذاك هو العامل
الأول في تقريب وجهتي النظر بين الحزبين، فعرضَ على (سعد باشا) ان
يقوم الحزبان باجتماعٍ عام يفسد مؤامرة القصر، دىذا كانَ البوليس سيحُول
(1) مذكرات في السياسة المصرية لهيكل: 1/ 69 1.
36

الصفحة 36