كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

يقول الدكتور هيكل (1):
"ذهبتُ يوماَ إلى دارِه حين كانت الأحاديثُ تتناول رئاسة الوزارة،
وموقف الإنكليز منها، فلما تبادلنا التحية، وتجه إليئَ القول يسألنى:
وما اخبارك يا بطل؟
قلت بعد تردد: لا يزال الإنكليز مُصِرّين على أن تُسنَدَ رئاسة
الوزارة لعدلي باشا! فأجاب وقد ارتسم على ثغره ما يشبه ا لابتسامة:
رِزْقي ورِزق رجالي على الله!: وبعد بُرهة صَمْتِ لا أدري أيّ
الخواطر جال بنفسه أئناءها قال:
اوتحسب رئاسة الوزارة أمراً يَغتبط به أحد؟ أو يُحْسد عليه إنسان؟
إنه في مصر شر مركز، فصاحبه مواجَه بمطالب الإنكليز، وبمطالب
القصر، وبمطالب الأمة، وبمطالب الموظفين، وتلك مطالب متناقضة
يتعذرُ على أبرعِ الناس التوفيق بينها!
قلتُ معترضاً: مطالبُ الموظفين! لم اعرف قط أنَّ الموظفين قوة
كالإنكليز والقصر أو الأمة يحسبُ لها حساب!
قال: هم شرّ الجميع، وستعرفُ ذلك يوماً إذا قُدّرَ لك أن تكونَ
وزيراً، ثم قال سعد: وهل تظن تأليفَ وزارةٍ كبيرةٍ في مصر أمراً ميسوراً،
إئها أشقُّ مهمة!
ورأى الرجلُ على وجهي أمارات الدهشةِ فقال:
ألِّفْ لي وزارة تجمع عشرة وزراء يكونون في مجموعهم الصورة
(1)
مذكرات في السياسة المصرية لهيكل: 1/ 56 2.
39

الصفحة 39