كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

هذا فحوى حديث سجّله الدكتور هيكل عن سعد، وقد استغربَ أ ن
يكون صدقي باشا في الدرجة الثانية في رأي سعد باشا، وأنا مع سعد باشا
ولست مع الدكتور هيكل، لأنّ صدفي باشا كانَ كفاءة ممتازة حقأ، ولكنْ
لنفسِه أولاً وليس للوطن، وهو الذي قام - فيما بعدُ- بأول انتخابات مزورة
على وجهٍ سافر، فسن سنةً سيئةًاصبحت بعد اقترافه لها وكأنها شيءٌ
طبيعي، لأنَّ الخلَفَ مِن بعده يعدونها شيئأ طبيعيأ لانشازَ فيه، ولو ضربت
الأمةُ - او استطاعت - ان تضربَ على يده حين اقترفَ هذا الزيف الفاجرَ،
لكان لنا شان غير ما نعانيه ونقاسي من جمره الأليم.
وقد وقف سعد باشا مِن الدكتور ه! يكل موقفأكان المنتظر منه ا ن
يظلّ حاملاً صداه الأليم في نفسه، ولكنّ الدكتور ه! يكل رجل سياسة،
ويعلم أنَّ الزعيم السياسي يرغَم كثيراً على ما لا يود، لأنه رجل جمهوِر
حافل، والمرءُ في اسرته المحدودة لا يتجاوز خمسة أشخاص قد يرغمُ
على كثير مما لا يوذُ، إذ يرى من المصلحة أن تسيرَ الرياح هادئة في بيتٍ
يُفترض فيه ان يكون سكنأ اَمنأ، لا مهبّأ للزعازع، فكيفَ بزعيم له انصاره
الذين ينزلهم المنازلَ اللائقة من نفسه، إنَ رضا الجميع غايةٌ لا تدرَك،
ولذلك تأثّرَ هيكلُ من سعدٍ على نحو ما ذكر في قوله (1):
"حين ائتلفَ الوفدُ مع الأحرار، طلبتُ إلى حِزْبي ان يرشحني في
دائرة (تمى الأمديد) حيث يُوجد كفر غنام بلدي وبلد اسرتي ومسقط
رأسي، وأقرّ الحزبُ ما طلبت، لكنّه رغبَ إليئَ أن أتفاهم مع سعد باشا
شخصيأ، فدعوتُ بعضَ اهلي المنتمين إلى الوفد، وحدثناه في الأمر،
(1) ا لمذكر ات: 1/ 0 6 2.
41

الصفحة 41