كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

الكاتب الكبير
من الكُتّاب - حتى الكبار منهم - مَن نشعرُ حين نقرأُ الموضوعَ الذي
يعالجه أئه يحاول استيفاءه بجهد جاهدٍ، فهو يتلفس القولَ تلمساً يكادُ ا ن
يكونَ احتيالاً، ومنهم من نقرأ ما يقول: فنحسُّ أنَّ الكاتبَ قد ملك زمامَ
الرأي، يوجهه حيث شا" دون اثر للجهد والكدح، والدكتور هيكل قد
عُرفَ بين زعماء الأدب المعاصر بسيطرته الجادة على ما يتناول من
الموضوعات.
فهو يسترسِلُ استرسالَ الكاتبِ المقتدرِ، الذي تتدفق ينابيعه من
صدرِ جيّاشٍ فسيح، وهو يدهشُكَ بما تتفتق به يراعتهُ من صور خالبة،
تكسو المعاني الدقيقة، وكأنّه في كثير من الأحيان شاعرٌ يباع، او رسّام
يفتن، ولا اعرفُ في الكتاب من يسترسل استرساله غير الدكتور طه
حسين، مع فرقٍ واضحٍ بين الكاتبيْن، فطه يسترسل استرسالاً يحوطه
التكرار، ومعاودة المعاني بألفاظ اخرى، ولكنّها تنتهي إلى ما قال، بحيث
لا تفقد كثيراً إذا تركت بعض السطور في احيان كثيرة، ولكنَّ استرسالَ
هيكل جديدٌ في كلِّ ما يسوقه، فقارئه يجب ان يكونَ متفتّج الذهن، مُبْصر
العين، يقظ الإدراك، ليلحق بالكاتب في مراميه البعيدة، ولعلَّ هذا بعض
ما عناه الأستاذ عبد العزيز البشري حين قال في كلمة تكريميّة بحفل اقيم
احتفاءً بهيكل (1):
(1) محمد حسين هيكل، للدكتور عبد العزيز شرف، ص 59.
44

الصفحة 44