كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

النعمان، وكتاب (الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية)، وكتاب
(قانون العدل والإنصاف) للقضاء في مشكلات الأوقاف، بل إن معرفة
هذه الكتب لا تقف عند رجال القانون والشرع، بل تمتّد كذلك إلى عدد
عظيم من سواد الناس، فقد نظمت ئلاثتُها أحكام الشريعة على مذهب ابي
حنيفة، في تقنين يفي بحاجة من يهمه الوقوف على هذه الأحكام، إ ذ
يجدُها مبوّبة مرتّبة مدقّقة، في اختيار الفاظها حتى تغني مدلولاتها على
صورة من التجديد الدقيق، الذي يقضي به فن الفقه القانوني.
وهذه الكتب هي الأولى والأخيرة في بابها، كان ذلك منذ قرن
وربع، ولأ يزال أثرُها بارزاً مع وجود من حاذاها من المؤلفين، ولذلك نَبُهَ
ذكرها، وعظم اثرُها، وتناول الناس ما بها من الدراسة، ف! ذا سألت
اكثرهم عن واضعها قيل: إنه هو قدري باشا، لكن أكثر الناس لا يعلمون
عن قدري باشا إلا اسمه، والاّ انه واضعُ هذه الكتب الثلائة، وقد يكونُ
ذلك كافياً لتاريخه، فهذه الكتبُ الثلائة هي في الحق اثر كاف لتخليد
واضعه، وإذا كان نابليون قد جعل من قانونه المدني عنوان مجده، واعتبر
ما أوتي من النصر بجانبه مجداً ثانوياً، فكُتُب قدري باشا في تقنين احكام
الشرع عنوان مجد باق على الزمان ".
هذه مقدمة اصيلة مهّد بها هيكل لما كتبه عن تاريخ الرجل الحافل،
واشهدُ انَ الورقات التي كتبها هيكل بتحليلها الموضوعي مع حرارتها
الصادقة، تُغني عن كتابِ كاملٍ في حياة هذا الفقيه العظيم.
وانا اتساءل إلى متى يتكرّر إهمال اعلام التشريع والأصول في دُنيا
العبث واللهو؟ إ! إننا نعرف عدة كتب بلغت العشرة سُطرت في حياة
مطرب ليس من مُطربي الصف الأول! وقد راجت رواجاَ هائلأ، وكأنّها
51

الصفحة 51