كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

تتحدث عن بطل أنقذ الإنسانية بما اكتشف من وسائل العلاج! أفما كان
في مقال هيكل ما يلفتُ الأنظار إلى كتابة مؤلَفِ مستقل عن هذا النابغة
العريق؟
وتتابعُ التراجم الوضيئة بقلم هيكل في كتابه (تراجم مصرية وغربية)
وفيها من الصدق البالغ، والقوة الساطعة، ما ينبئ عن حقيقة ملموسة!
هي أن المسألة في التاليف ليست مسألة كمّ فحسب، لأنّ ما كتبه هيكل
مثلاً في عدة صفحات عن أمثال محمد قدري، ومصطفى كامل، وإسماعيل
صبري، وعبد الخالق ثروت، يكفي القارئ، إذ لا يجد في كثير من
المطوّلات ما يجده في هذه التراجم الموجزة، وأقول في كثير، لأنّي
لا ابخسُ حقَّ المجيدين من كتّاب التراجم الذاتية ذات الموضوع الواحد،
وهم معروفون مشتهرون!
هذا، وأكثر مقالات هيكل في جريدتي (السياسة) الأسبوعية
واليومية لم تنشر بعدُ، وقد كانَ هو من بواعث إهمال هذه المقالات،
ولعلّ نظرته إلى المقالِة السياسية باعتبار أنها صَدًى مؤقت لحادث يمضي
ولايتكرر، قد جعلته بعيداً عن التفكير في جمعها، ولكنْ ما بال المقالات
الأدبية والنقدية والاجتماعية، وهي ذاتُ حظّ موفور من اهتمام الكاتب لم
تجد احتفالاً بها، وهي تأريخٌ لواقع فكري واجتماعي وأدبيّ ينشده
الدارسون، وقد اعترفَ الكاتب الكبير في مقدمة كتاب (التراجم) انَ بعض
ما كتبه لا يفي بحقّ المكتوب عنه إيفاءً تاماً.
واعتذرَ عن ذلك بأنّه أراد ان يضع صورة تقْريبية لحياة مصر في هذا
العصر، على أن يقفَ في ترجمته عند الوقائع الئابتة، وان يتجنب المغامرة
في الفروض والظنون، حتى لا يتعزضَ ما يكتبه إلى نقد يفسدهُ، وإن
52

الصفحة 52