كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

ما يرى، ويتّخِذُ من اُدباء فرنسة ومفكريهم موضعاً لتحليله الأدبي في
مقالاتٍ يرسلها من الغربْ إلى الشرق، كما خصق (جان جاك روسو)
بمقالاتٍ تحليلية كانتْ نواةً لما كتبه عنه من دِراسة جامِعية مُستقلة، حتى
إذا حصلَ على الدكتوراه، ورجع إلى مصر، سارعَ بالدعوة إلى المثل
ا لأوروبية مع طائفة درست دراسته ونزعت نزعته! مع الإشاحة كل الإشاحةِ
عن التراث الإسلامي، الذي تضمه الكتب الصفراء!.
ظلّ القوم يهتفون بمُثلى الحضارة الأوروبية، حتى قامتِ الحرب
العالمية الأولى بِدواهيها المروّعة، إذحصدت عشراتِ المدن بما تضتم من
ارواح ومنازل وميادين، وتركتْ وراءها بعدَ ان افنتِ الملايين حشوداً من
الأرامل واليتامى والمشوّهين.
وقد دافعَ قولم عن فرنسة وإنكلترة بأنهما لم تُعْلِنا الحربَ، بل
اضطُزتا إليها اضطراراً، ولكن هذا الكذب المريب ظهر عواره حين
تحدتْ هاتان الدولتان مطالبَ الأمم المستعمَرة، وكزرتا انتهابَها انتهاباً
كبعض الأسلاب، اينْ إذن مدينةُ الئور ذات التقدم الإنساني؟! أين إنكلترة
ذاتُ البعثِ الحضاري؟! اين ما اذاعوه اثناء الحرب عن ضرورة حرية
الشعوب واستقلالِها دون احتلال؟! كل ذلك قد صار هباءً، فاتضح زيفُ
اوروبة، وما تزعمه من ارتقاء!.
وكانت الاكتشافات الأثرية لمقبرة (توت عنخ آمون) مما ائارَ انتباه
هيكل إلى الحضارة الفرعونية القديمة، فَعَدها السبيل إلى بَعثْ الروح
المصرية حين يَذكرُ المصريون مفاخرَ الأجداد، وانتقلَ من الدعوة إلى
الحضارة الأوروبية إلى الدعوة إلى الحضارة الفرعونية، وكتبَ في ذلك
مقالاتٍ كثيرة ضاعتْ في انهارِ الصحف، وبقيَ منها ما سجّله في (تراجم
56

الصفحة 56