كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

مصرئة وعربية) وفي (في اوقات الفراغ) وفي (ثورة الأدب) ومما قاله في
هذا الصدد نقلاَ عن احد اعداد (السياسة) الأسبوعية سنة 1926 مِ: "لا
سبيلَ إذن إلى إنكارِ ذلك الاتصال النفسي الوثيق، ائذي يربط تاريخ مصر
منذُ بدايته إلى عصرنا الحاضر، وإلى آخر العصور المستقبلة التي يُمكن ا ن
يعرفها التاريخ، ولئن تبَدلَتْ اسبابُ العيش ما تبدلت، ولئن قزبت سكك
الحديد والبواخر والطائرات وكلّ ما يمكن أن يتمخض عنه خيالُ العالم
من وسائل المواصلات بيْن اجزاء شتّى، فسيَبْقى هذا الاتصال النفسي
الوثيق، الّذي يجعل من مصرَ وحدة تاريخيّة ازلية خالدة، فمِن حق
المصريين، ومن الواجب عليهم، ان يسْتثيروا دفائن الفراعنة، وأنْ يربطوا
حاضِرهم بماضيهم رباطاَ ظاهراَ لكلِّ عين ".
اخذَ هيكل يوالي مقا لاته في هذا ا لاتجاه، وهو صاحبُ جريدةِ أدبية
لامعةِ، تعتبرُ الجريدةَ الثقافية في عصرها، فجذب إليه نفراَ من الكُتّاب،
لا اتحدث عن أسمائهم، إذ كفى ماجَنَوْه على الفكرِ من تُرّهات، وبعضُهم
كانَ صادقاَ بينه وبين نفسه، وبعضُهم اتّخذَ العِداء للإسلام هَدفاَ يصلُ إلى
التنفيس عنه بِذمّ الحضارة الإسلاميّة، والإشادة بالحضارة الفرعونية.
وامتد اللجاج زمَناَ طويلاَ، إذ تصدى لهؤلاء المتحمسين فريقٌ عاقل
من دعاة الوحدة العربية باعتبارِها طريقاَ للوحدة الإسلامية، وقد قَدرتُ
في غير هذا الكتاب جهودَهم المؤمنة، ولئن كانت كلمات (مصطفى
صادق الرافعي)، و (محب الدين الخطيب)، و (عبد الرحمن عزام) في هذا
المجال ذات طابع حارّ متّقد، فإنّ ما كتبَه الأستاذ الكبير (احمد حسن
الزيات) بأسلوبه الهادئ، وبيانه المتزن، صادفَ موضع الإعجاب
والتقدير، وأذكرُ أن صُحف المطالعة المدرسية في مصر والبلاد العربية
57

الصفحة 57