كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

جَعَلتْه من مختاراتِها الرائعة حيث قال تحت عنوان (فرعونيون
وعرب) (1):
"هذه مصرُ الحاضربر تقومُ على ثلاثةَ عشر قرناً وثُلثاً من التاريخ
العربي نسخَتْ ما قبلها، كما تَنْسَخُ الشمسُ الضاحية سوابغَ الظلال،
وذلكَ ماضي مصر الحيئ، الذي يصيحُ في الدم، ويثورُ في الأعصاب،
ويدفعُ بالحاضر إلى مستقبل ئابت الأسّ، شامخ الذرى، عزيز الدعائم.
آزْهِقوا انْ استطعتُم هذه الروح، ثم انظروا ما يبقى في يد الزمان من
مصر؟ هل يَبقى كيرُ آشلاءً من بقايا الشوط، وآنضاء من ضحايا الجوْر،
وآشباح طائفةٍ تُرتل (كتاب الأموات) وجباهٍ ضارعة تَسجد للصخور،
وتعنو للعجماوات، وقبورٍ ذهبيه الأحشاء، ابتَلَعتِ الذور حتى زَحمت
بانتفاخِها الأرض. . وهلْ ذلك الا الماضي الأبعد الذي تُريدون أن يكونَ
قاعد؟ لمصر الحديثة. . ان مصر القديمة دفين فَنيت روحُه مع الاَلهة،
وصحائف موتٍ ذهبَ سِزها مع الكهنة، والخامد لا يَبعث حياة، والجامِدُ
لا يلد حركةً!.
لا تستطيع مصرُ الإسلامية إلا آن تكون فصْلاً من كِتاب المجد
العربي، لأنها لا تجدُ مدَداً لحيويتها، ولا سئداً لقؤتها، ولا أساساً لثقافتها
الأ ني رسالةِ العرب، أما أن يكونَ لأدبها طابَعهُ ولِفئها لونه، فذلك قانون
الطبيعة، ولا شأن المينا) ولا اليعْرب) فيه.
انشروا ما ضمَّت القبور من رُفات الفراعين، واستقروا من الصخور
الصلاب آخبارَ الهالكين، ثم تحذثوا وأطيلوا الحديثَ عن ضخامة الاَثار،
(1) وحي الرصإلة: 1/ 0 5، للأستاذ الزيات.
58

الصفحة 58