كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

وعظمة النيل، وجمالِ الوادي، وحال الشعب، ولكن اذكروا دائماًانَّ
الزوح التي تنفخونها في مومياء فرعون هي روحُ عمرو، وانّ اللسان الذي
تنشرون به مجدَ مصرَ هو لسان مضر، وان القيثار الذي توقعون عليه الحانَ
الئيل هو قيثارُ امرى القيس، انما تتفاضل الأمم بما قدّمت للخليقة من
خير، وتتفاوت الأعمال بما اجدتْ على الإنسان من نفع، اليسَ (الخزّانُ)
خيراً من (الكرنك)؟ و (الأزهرُ) أفضل من (الأهرام)؟ و (دار الكتب) أنفس
من (دار الآثار) ".
هذا مقطع الرأي فيما اُثِير عجاجه دون حاصل سوى الفرقعة
والصخب!.
واعود إلى ما كتبتُ عن هيكل فأكرر قولي: لما كان الدكتور هيكل
في صميم روحه طالَب حق يرتاد كلّ سبيل ليجد منافذَ النور، فقد أدركَ
بعينيه إخفاق الدعوة الفرعونية، وتأكّد أنَّ طنينها لا يبلغُ الاَذان، فأخذَ
يبحث من جديد عن أقومِ السبل لبعثِ الأمة العربية، فوجد ضالته المنشودة
في تاريخ العرب ومجد الإسلام، فاتجه بحالص جهده، بعد ان اسْتحصَدَ
فكره، واتّسع افقه، وعمق تجريبه، إلى الدراسات الإسلامية، مبتدئاً
بسيرة رسول الله ع! م! م، ومعقباً بسير الأعلام من امثال: (ابي بكر الصديق)،
و (عمر بن الخطاب)، و (عثمان بن عفان)، ثم ببحوثٍ تدور في فلك
التاريخ الإسلامي، والفكر الديني القويم.
وهو من خلالِ حديثه عن خلفاء رسول الله لمج! م يتحدّث عن: (خالد بن
الوليد)، و (ابي عبيدة بن الجراح)، و (المثنى بن حارثة)، و (سعد بن ابي
وقاص)، وغيرهم من ابطال الفتح الإسلامي! (النعمان بن مقرن)،
و (القعقاع بن عمرو التميمي) بما يدلّ على غَيرةٍ إسلامية يدعمها إخلاصٌ
شديد للحقيفة، وصدقٌ بالغ في الأداء، ولو تنقس به ا أ! مر لكتبَ عن
59

الصفحة 59