كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

ومع ذلك فقد كان الكاتب الكبير يسالُ كبارَ رجال الأزهر في عصره ممن
ألِفوا هذه الكتب عن بعض ما يخفى على مثله، فكانَ دائمَ الحوار مع
الأساتذة (محمد مصطفى المراغي) و (مصطفى عبد الرزاق) شيخي ا لأزهر
السابِقَيْن، ومعَ الأساتذة (علي سرور الزنكلوني) و (محمود ابو العيون)
و (محمود شلتوت) وكفهم أعلامٌ في ميادينهم، وقد اختارَ شهر رمضان
ليكون مجال ندوةٍ أدبية في منزله تُعقد بعد العشاء، مستمعاً إلى إجاباتٍ
دقيقة يعيَها حق الوعي! فأي وزير خطير ورئيسٍ لحزب سياسيّ، ورئيسٍ
لمجلس الشيوخ! يُنحي عن نفسه أعباءَ هذه المناصب الثقيلة ليجد راحتَه
في منادمة أهل الصفوة من العلماء! إلآ أن يكونَ حُمث الحقيقة قد جرى في
نفسه مجرى الدم في العروق.
واهمّ ما فطن إليه الدكتور هيكل في دراساته عن الشخصيات
الإسلامية بالذات أنها ذات غاية تنشد المُثلى العليا من حقائق الحياة، لأن
الكبار من تلاميذ محمد! لًخي! قد صُنعوا على غرارٍ نادرٍ بين الرجال، إ ذ
ارتفع بهم رسول الله ع! م عن الأهواء الذاتية إلى مشارف العِزة ذاتِ الهدف
البارز في سعادة الإنسانية، ومثلُ هذه الدراسة ذات الهدف المثالي لا
يستطيعُها الدكتور هيكل فيما كتب عن أناس اَخرين مثل: (إسماعيل باشا)،
و (محمد قدري باشا)، و (ثروت باشا)، و (إسماعيل صبري)، و (قاسم
أمين) و (محمد محمود)، و (سعد زغلول)، فهؤلاء اناس ذوو امتياز
حقاً، ولكن امتيازهم لم يرتكن إلى استاذية روح عالية معصومةٍ ذاب منارٍ
وضاءٍ كما ارتكنَ الصحابةُ إلى أستاذية رسول الله ع! ي!! ومِن هنا كانت
خطواته الفكرية عن صحابة رسول الله ع! يبِم مجالَ اقتداء حافزٍ لمن يريدُ
المثل الأعلى بين النابهين!.
62

الصفحة 62