كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

التاثر بأسلوب القراَن وكتب التراث
اتّجه الدكتور رحمه الله إلى الثقافة الإسلامية بعدَ ان اشتهر اسمه
الكبير في المحيط ا لأدبي بالعالم العربي، وبعدَ ان اخرج من الكتب الأدبيّة
والمقا لات العلمية ما جعلَ صيته مدوّيأ رنّانأ.
وكان يطالع القراء دائمأ بمقالاته ومؤلفاته، وكأنّه سحابط لا ينقطع
ماؤه، فالرّجلُ إذن من ناحية ا لإنتاج العلمي غزير المادة متنوّع ا لاتجاهات،
فهو كما قدمنا مؤرخٌ، وقَصّاص، وناقدٌ، وكاتبٌ سياسيّ كبير.
ولكن موضع ا! تامّل في نتاجه الأدبي يدفع بنا إلى مفارنةٍ نقديّةٍ بين
اسلوبيْن مختلفين في عهده الأؤل حين كان بعيداً عن التراث الإسلامي
بقرآنه واحاديثه، وتاريخه وفتوحه، وعَهدهِ الأخير حين ورد موردَ التراث،
فدرسَ حياة رسول اللّه ع! ع! م وصحابته الأطهار دراسةً موضوعيّة، اضطرّتْه
إلى ان يدرسَ كتابَ الله وسنة رسوله بم! ي!، وصحائفَ المؤرخين السابقين،
ممن دوّنوا رسائل ابي بكر وعمر وعثمان وعليئ وخطبهم المتعارفة مع
ما قالَ مشاهير القادة من ابطال الحروب، وكلّهم فصيح بليغ، فإنّ هذه
الدراسة التراثيّه قد نقلت أسلوبه البياني من وضعٍ إلى وضع، كما اضاءت
اتجاهه الفكري بأشعةٍ نورانية كان بعيداً عنها من قبلُ، إذ كانَ تعبيره في
عهده الأول لا يخلو من ضَعفٍ، هو موضع المؤاخذة من النظراء، كما انّ
اتجاهه الفكري كانَ بعيداَ عن منائر الوحي المحمدفي، لا تستضيء بنوره،
64

الصفحة 64