كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

بالجيد الكثير، ولكنه لا يسلم أحياناً من الغثاء".
هذا اتهالم صريح للدكتور هيكل، فهو لا يهتمّ بصياغته ا لأدبيّة اهتماماً
يرتفع إلى مستوى معانيه، وقد حاولَ هيكل أن يُبرّى نفسَه، فردّ على
الدكتور (طه حسين) بأنّه مدح اسلوبه من قبلُ، وأنّه يرى في بعض مقالاته
أنّ صاحبه أزهرقي أزهري، لأنّه أتقنَ اللغة العربية حتى لقد يسرفُ في هذا
الإتقان، وأفاض الدكتور في نقل ما يثبتُ ذلك من أقوال طه حسين
الماضية، ولكنّ الدكتور طه لم يعفه من التعقيب، حيث قال بصدد دفاع
الدكتور هيكل عن اسلوبه التعبيري (1):
"إيذنْ لي يا أخي أن أصرَّ على رأي فيك، فأنتَ تُجيدُ حتى تصل
إلى الإبداع، وتضعف حتى تشرف على الابتذال، ولكَ أن تلومني كما
شئتَ، فإنّي لم اهدك إلى مواضع الضعف في أسلوبك، فقد يئستُ من
هدايتك، لأئك كما تقول محبّ لأسلوبك كما هو، مشغوفٌ به على علاّ ته،
لا تريدُ أن تغيّره، ولا تصلح مواضعَ النقص فيه، وكلّ ما أخشاه ايها
الصديق أن تتهمني بالإسراف عليك، والغلوّ في نقدك ".
وقد شاءَ الله أن يهدي هيكلاً إلى التعبير القوي لا على يد طه
حسين، بل بنفحةٍ إلهية جذَبته إلى الثقافة الإسلامية في معينها الصافي،
حين التفتَ إلى دراسة السّيرة النبوية دراسة مستأنيةً ببصيرة، فقر اَ كتاب الله
عز وجل دراسةً، وطالعَ الاثارَ الصّحاح من كتب الس! ة المطهّرة. وقرأ
كتب الأعلام من أئمة البيان الجزْل، والتأليفِ المحكم، فجاءَ أسلوبهُ في
كُتبه (حياة محمد)، و (الصديق أبي بكر)، و (الفاروق عمر)، و (عثمان)،
(1) مجلة الرسالة، السنة الأولى، سنة 933 1 م.
66

الصفحة 66