كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

ولاشك ان التاثيرَ لا يقفُ عند ا لاقتباس من آياتِ الذكر الحكيم، فقد يكونُ
الاحتذاءُ الفنّي أبلغ دلالة من ا لاقتباس من الحديث الشريف، حين يحاولُ
الكاتب ان يسمو ببيانه متأئراً بهذا الكتاب في مستوًى من الئصاعة والشفافية
يجعل اسلوبَه يترقرق بالمعاني خلال الألفاظ كما يتألق الشراب الصافي
في إناءٍ من البفور الناصع، وهذا ما نجدُ لهُ امثلةً كثيرة في كتاب (حياة
محمد) بالذات، لأن روح النبيِّ الأعظم! كيه! قد سما بالكتاب إلى ارقى
قمة، ولكنّنا ننقل النص الماضي لنُبئنَ أن الكتاب الخالد قد وَجد مكانه
بهذا الإشراق النبوي، وانَ الكاتب حين حفظ كتاب الله في صغره، ثم
تشاغل عنه ببحوثه الأوروبيّه، لم يستطع إ لا ان يعودَ إلى ما حفظ، فاذا هو
بين يديه.
هذا عن التاثير التعبيري، اما عن التاثير الفكري، فحذْث ولا حرجَ،
لأنه نقل الدكتور هيكل من ميدانِ إلى ميدانٍ، فبعدَ ان كان مشغوفاَ
بالأساطير الفرعونية عن (إزيس) و (توت عنخ اَمون) و (وادي الملوك)
عرف لهذه الأساطير قدْرها من الخيال، واتها وامثالها لا تكاد تقترب من
الواقع إلا لتبعد عنه، ولم يرَ بأساَ في ان يتخذ الأديب الفنان من الأسطورة
مصرية وغير مصرية وعاءَ -لأفكارِه في ققحة ادبية او مسرحية فنيّة، بل في
مقالٍ توجيهيئ يهدف إلى غايته عن طريق الرمز الأسطوري، لم يز هيكل
ان يهدف الكاتبُ إلى هذه الرموز فيما يعالج من الأساطير.
ولكن الحذرَ كلَّ الحذرَ والخوفَ كل الخوف، ان نلْجاَ إلى ا لأسطورة
فيما نتحدّث به عن سيرة رسول الله ع! ي!، ولذلك تعقّب الدكتور طه حسين
ناقداَ، حين أصدر كتابه (على هامش السيرة) وقال في مقدمته: إنّه اصطنع
بعض الأساطير لترمزَ إلى ما يريدُ من جلاء الحياة الاجتماعية والأدبية في
68

الصفحة 68