كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

مما اعلمُ أن هذه الإسرائيليات إنما أريدَ بها إقامة أساطير ميثولوجية
إسلامية لإفساد القلوب والعقول من سواد الشعب، ولتشكيك
المستنيرين، ودفي الريبة إلى نفوسهم في شان الإسلام ونبيه. . ثم قال
الدكتور هيكل:
" من اجل ذلك أود ان يفصلَ طه فيما قد يكتُب بعدُ مِن فصول تجري
مجرى (على هامش السيرة) بين ما يتصل بالعقائد وما لا يتصل بها
ولا ادْري ما موقعُ هذا النقد من نفس الدكتور طه حسين إئما الذي ادريه
انّه اصدر الجزء الثاني حافلاً بالأسطورة، والثالث متخففاً منها كثيراً".
وأقْوى ما يَظهر من تأثر هيكل بكتب التراث هذا الدفاع الحار
الملتهب غيرةً على الإسلام فيما كتبه عن ريادته للإنسانية، حينَ شرح
مبادئ الحرية والإخاء والمساواة، فقد جمع هيكل في هذا الدفاع بين
شيئين هما:
هضمُه الجيد للأفكار الإسلامية والمبادئ التشريعية بحيث كان هذا
الهضم سلاحَه في مجابهة اعداء الفكرة ا لإسلامية.
والشيء الثاني هو إلمامُهُ المستوعب لأكثر ما قال الخصوم،
ومعرفةِ اقدارهم العلمية على وجهها المعقول، دون استعظام لما
يتظاهرون به من كثرة المصادر، وسَعة المحصول، هذا الإلمامُ
المستوعب في حقل التاريخ الإسلامي بالذات قد رَدَ كيداً كبيراً عن ضدور
نفرٍ من الأفذاذ، اخلصوا لله حق الإخلاص، ووقع بعضهم في أخطاء لم
يتبعَق وِجهتها حين وقعت منه، ولكن هذه الأخطاء كانت ناقوساً صاخباً
جلجل به أعداءُ الإسلام فكبروا الصغير، ورفعُوا الساقط المرذول إلى
مكانةٍ دون ما يستحق، وهنا حاربهم هيكل بسلاحه الناقد، من اطلاع
71

الصفحة 71