كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

في دنيا الكتابة الأدبية، حتى اهتدى إليها بعد تعثّر طويل.
اما منهج الكتاب الفكري، واسلوبُه التعبيريّ، فقد شفى صدورَ
المؤمنين، والهبَ اكباد الجاحدين، إذ إنّ الكاتب الكبير قد رُزق فيضاً
إسلامياً دافقاً يجيش في خاطره، لينقله القلم إلى قرائه في استرسالٍ ناصعٍ
مكتملِ الحلقاتِ، لاترى فيه ثغرة توحي بضعفٍ، او نُتوءاً يدل على نشاز،
ولا يرجع ذلك إلى قدرة المؤلف على الألفاظ، بل يرجع إلى قوة اقتناعه
بما يقول، وشدة إيمانه بما يسطر.
فالرجل قد قرا وهضم، ووازن وناقش، واستمع إلى الأنصار
والخصوم، وغاص في العُباب الزاخر، ليلتقط ما يطويه من دررٍ! حتى إذا
اتّسعت فكرته، وأصبحت جليّةً واضحة عن رسوو) اللّه لمجيِك - شرع في
كتابته، وكأن غيثأ دافقاً ينهل منه يراعه ليحعي مواتَ القلوب، وليري
الناسَ كيف كانت سيرةُ الرسول - عليه الصلاة والسلام - اروع مثالٍ للنضال
في سبيل الحق، وتحدّي العقبات، مهما امتدت جذورها في الأرض،
ونهضت قممها في السماء.
ولسنا نستفيض هنا في مدع عاطفي، لأن معنا الدليل المقنع في كل
صفحيما مماكتب.
تقدّم المؤلف بكتابه الفذّ إلى القراء، وفي صدره مقدمةٌ تحليليةٌ
كتبها إمامُ عصره الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى الراغي - شيخ الجامع
الأزهر - ومن غير المراغي من أعلام البيان الديني يكون جديراً بكتابة
مقدمة تحليلية لمثل هذا الكتاب! وموضوعُه أسمى موضوع تتجه إليه
العيون، وكاتبه في الصف الأول بين كبار الكتاب! وقد أحسْن الدكتور
هيكل حين طلبَ من الإمام الأكبر أن يقدم كتابه للناس، إذ إن خطه السابق
78

الصفحة 78