كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

تأخذُ القارئ الدهشة إذا ذكرتُ ما بينَ دعوة محمد -عليه الصلاة
والسلام - والطريقة العلمية الحديثة من شبه قوي، فهذه الطريقة تقتضيك
إذا أردت بحثاًان تمحو من نفسِكَ كلَ راي، وكل عقيدةٍ سابقة في هذا
البحث، وان تبدا بالملاحظة والتجربة، ئم بالموازنة والترتيب، ئم
بالاستنباط القائم على المقدمات العلمية، فإذا وصلت إلى نتيجةٍ من
ذلك، كانت نتيجةً علمية خاضعة بطبيعة الحال للبحث والتمحيص،
ولكنَّها علمية، ما لم يثبت البحث العلمي تسرب الخطأ إلى ناحية من
نواحيها، وهذ 5 الطريقة هي اسمى ما وصلت إليه الإنسانية في تحرير
الفكر، وها هي ذي مع ذلك طريقة محمد -عليه الصلاة والسلام -
وأساس دعوته ".
اقول: وقفَ الأستاذ المرغي عند هذه الفِقْرات ليعقب عليها بقوله:
"أما انَّ هذه الطريفة طريقة القراَن فذلك حقّ لا ريبَ فيه، فقد جعل
العقل حكماً، والبرهانَ أساسَ العلم، وعابَ التقليد، وذمَّ المقلدين،
وائبَ من يتبع الظنَّ. . وأما انَّ هذه طريفة حديئة فهذا ما يُعتذر عنه، وقد
ساير الدكتور غيرَه من العلماء في هذا، ذلك لأتها طريقة القراَن كما اعترفَ
هو، ولأئها طريقة علماء السلف من المسلمين، انظر 5! ب الكلام،
تجدهم يقرّرون أن أول واجب على المكلّف معرفة الله، فيقول اَخرون:
لا. إن أوّل واجب هو الشك (1)، ثم إنّه لا طريق للمعرفة إلا بالبرهان،
(1)
الشك العلمي كالذي قال به ديكارت، لا الشك الوهمي الخيالي الذي قال به
طه حسين، انظر مقدمة كتاب! مقالة في المنهج! للدكتور محمود الخضيري
ط. المطبعة السلفية، والعجيب أن هذه المقدمة الرائعة حذفت من الطبعة
الجديدة للكتاب، والذي أشرفت عليه ابنته زينب ا وعجبي حقأ من هدْا الوفاء.
(الناشر)
80

الصفحة 80