كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

وهو، وإن كان نوعاً من القياس، إلا ائه يجب أن تكون مقدماته قطعية حسية
او منتهية إلى الحس، أو مدركة بالبداهة، او معتمدة على التجربة
الكاملة، او الاستقراء التام، كما هو معروف في المنطق، وكل خطا
يتسرّب إلى إحدى المقدمات، او إلى شكل التاليف مفسِدٌ للبرهان.
ثم قال الإمام اكبر: طريق التجريد طريق قديم، وطريق التجربة
والاستفراء طريقٌ قديم، والتجربة والاستقراء وليدا الملاحطة، فليس
هناك جديد عندنا، ولكن هذه الطريقة القديمة بعد أن نُسيت في التطبيق
العلمي والعملي في الشرق، وبعد ان فشا التقليدُ واُهدر العقل، وبعد ا ن
أبرزها الغربيون في ثوبٍ ناصعٍ، وافادوا منها في العلم والعمل، رحنا
نأخذُها عنهم، ونراها طريقةً في العلم جديدة (1).
وجاءت مقدمة المؤلف ليتحدث عما دعاه إلى تأليف الكتاب،
فأشار إلى ما لمسه من محاولة استشراقئة للقضاء على الروح المعنوية في
بلاد الإسلام، والهجوم على رسوله ع! يم بشتى المفتريات والادعاءات،
متسربلةً بثياب البحث المحايد، مع تعتتٍ ظاهرٍ، هو حجة العاجز حين
لا يجدُ الدليلَ الواضحَ، فيلجأ إلى التكلّف والافتعال، وكانت الطريقة
العلمية هي السبيل الوحيد في دحض الحجة الباطلة، وتأييد الحق الثابت،
وحسبُه - كما يقول: ان يمهد بعمله السبيلَ إلى كتابة صحيحة، وتاريخٍ
نزيهٍ لصاحب السيرة - ع! ي! - لأن التعفُقَ في هذا المجال يكشِفُ أسرارَ كثيرٍ
من نواحي علم النفس، تؤكد صلة الإنسانية بالكون الأعظم، وتزيدُ
المؤمنين استمتاعاً بظواهر الطبيعة، ووسائل القوة والحركة في الحياة.
(1) مقدمة حياة محمد للأستاذ المراغي، ص ال).
81

الصفحة 81