كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

وقد اممتوعب المؤلف الأصول التشريعية والخلقية للإسلام
استيعاباًاخذ يفسر به كل موقفٍ من مواقف الدعوة الإسلامية في طورها
الأول، وهو بهذا الاستيعاب البصير لا يخطئ موضعَ النظر السديد.
وقد تتابعت فصول الكتاب حافلةً بشتى النظرات الفكرية الصائبة،
بحيث تتسلسل ا لأحد اثُ تسلسلاً منطقياً يبدا با لمقدمات، و ينتهى بالنتائج.
ولئن كانت هذه الأحداث غير جديدة على القارئ، فإن تفسيرَها
المنطقي هو الجديد، وفي نطاق هذا التفسير تكمل صورتها على وجه
واضح القسمات، ساطع الملامح، حتى لترى من خلفه نبضات الدم،
واختلاض! الأسارلر.
وقد تعمق المؤلف في دراسة اليهودية والمسيحية ليتحدث عنهما
في مجال المقارنة بما جاء به الإسلام، وظهر هذا الحديث المقارن في
اكثر من موضع في الكتاب، ونستشهد لذلك بما علّق به الكاتب على
معاهدة الرسول! لخ! لليهود بالمدينة في اول عهده بيثرب، حين دعا -! كتًي! -
إلى حرية الاعتقاد، وصداقة الارتباط، متطفعاً إلى تمكينه السريع العاجل
من نشر دينه، وإقامة دولة تحميه، وكان الأنبياءُ من قبله يبلّغون كلمة الله
فحسب، ويتركون لمن بعدهم من*السّاسة ان يعملوا على نشر دعوتهم
بالمقدرة التي تتاح لهم بمرور الأعوام بعد رحيلهم بزمن طويل.
ومحمد! لًخي! هو الذي جنى ثمار النصر حين جعلَ من المسلمين قوةً
مرهوبةً، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتنتصر على الأعداء تحت
رايته الظافرة، فوقف خلفاؤه من بعده على ارض صلبة، وطَّدها بجهادِه،
ولم يسلمهم إلى فراغٍ يبحثون فيه عن موطئ للأقدام.
93

الصفحة 93