كتاب محمد حسين هيكل الأديب السياسي المؤرخ ورائد الكتابة

اما التفسيرُ الخلقيئُ لشمائل الإسلام، فقد أحسنَ الكاتب إيضاحه
حين اتخذ من رسول الله ع! ي! المثل ا لأعلى لهذه الشمائل الكريمة، فتحدث
عن ذلك في الفصل الحادي عشر عن العهد الأول للمسلمين بيثرب إ ذ
قَدِمُوا إليها مهاجرين، وإذا كان الإخاء المتماسك طابع هذا العهد، فقد
أرسى رسول الله! ي! قواعدَه على الحبّ والبِز والرحمة، وأبى أن يظهر
وهو قائد الدعوة الإسلامية ما يدل على السلطان او الملك، وأخذ يفول
لأصحابه: " لا تطروني كما أطرتِ النصارى عيسى ابنَ مريمَ، إنما أنا
عبدُ الله ورسوله ".
وهكذا يجودُ الكاتب بأمثال هذه الروائع الفريدة في صفحات نيّرة
وضيئة! والعجيب أن ما ذكره الكاتبُ مشتهر معروف، ولكنّه في سياقه
المطرد ومكانه اللائق يلوحُ كالطريف الجديد.
ونحن نعرف كيف قام أهلُ الكتاب من اليهود والنصارى بمجادلة
الرسول عي! ومساءلته الملحة من غير إذعان للحق أو خضوع للدليل،
ونعرف أن الرسول ع! ي! قد ضاق بلجاجهم المتعنت، ثم شاء أن يحسم
الموقف، فتلا عليهم قول الله - عز وجل -: " قُلْ يهاَهلَ اَنكِئَئى تَحَالَؤأإكَ
صدِؤ سَوَلىةلم بَيْنَنَا وَبَتمبَهُؤ أَلَأ لَغبُدَإ لا اَدئَهَ وَلَالنُشْرِكَ لمحهِ ءشَئا وَلَا يَتَّخِذَ بَمْضُنَا
بَفضًا أَزبَائا مِن دُونِ أللًةَ فَإن تَوَلَؤا فَقُولُوا اَشهَدُوأ بألا م! دُوتَ " أآل عمران
64)، وقد أشار الكاتب إلى ذلك كله ليعفب عليه بفوله الرائع: ماذا
يستطيعُ اليهود أو يستطيع النصارى أو يستطيع غيرُهم ان يقولوا في هذه
الدعوة: ا لآَ يعبدوا إلآَ الله، ولا يشركوا به شيئاَ، ولا يتخذَ بعضهم بعضاَ
ارباباَ من دون الله، فأما الروح المخلصة الصادقة، فأما النفس الإنسانية
التي كزمت بالعقل والعاطفة، فلا تستطيع إلا أن تؤمن بهذا دون غيره،
94

الصفحة 94