كتاب محمود الطناحي عالم العربية وعاشق التراث

سائر نصوص الكتاب، ويعجزها ضبط شوارد الأخطاء، ورجْعها جميعأ
إلى أصلها، فيأتي الناقد وهو موفور الجمام، فيقصد قصدها، ويسهل
عليه قَنْصُها".
دخل الطناحي ميدان تحقيق التراث بثقافة عالية، وقراءة محيطة، لم
تتيسر لكثير من ابناء جيله، وخلا إلى الكتاب العربي في فنونه المختلفة-
والمكتبة العربية عنده كتاب واحد - وظهر علمه الغزير الواصمع من خلال
الكتب التي حققها وتفئن في تحقيقها.
انغمس الطناحي في نصوص التراث، وامتزج بها امتزاجأ عجيبأ،
حتى إنه لا يكاد يتنفس غير هوائها، وجعل التراث هَفَه وسَدِمه، وأطعمه
لحمه، وأسقاه دمه، ونسخ كثيراَ من المخطوطات له ولغيره حين لم تكن
اَلات تصوير المخطوطات ميسورة، وكان ذا حِسّ دقيق وبَصَرِ نافذ، حين
يتعامل مع المخطوطات.
وقد أبدع الطناحي في تحقيقاته كلها، فأحسن قراءة المخطوطة،
وموازنتها مع غيرها من النسخ، وأجاد في التعليق عليها، وجوّد في صنع
فهارسها. وتحقيقاته كلها تنطق بذلك.
ونراه يوجز في التعليقات كما في (النهاية في غريب الحديث)،
و (تاج العروس)، و (منال الطالب).
ونراه يطيل في التعليقات والحواشي كما في (كتاب الشعر)،
و (اعمار الأعيان)، و (امالي ابن الشجري).
ونراه يتوشَط في التعليقات، كالذي تراه في (طبقات الشافعية
الكبرى).
30

الصفحة 30