أما منهجه وطريقته في التحقيق، ففد كان ينسخ الكتاب بقلمه،
و يقابل بين نسخه، ثم يلتمس موارده في كتب السابقين، ويتتبع نُقُوله في
كتب الخالِفين. وكان يَحرَص على ربط قضايا الكتاب ومسائله بالمتاح له
من كتب مؤلفه، ويُوصل قضايا الكتاب بالكتب المتشابهة الأخرى، وكان
يعطي الكتاب مايحتاجه من العناية والجد والاجتهاد، والتأني والتريث
وطول، البحث والتثئت والتوثيق.
وكان لا يذكر من مراجع التحقيق إلا ما رآه رأي العين، وراجع
عليه النص.
فإذا فرغ من التحقيق، شرع في صناعة الفهارس الكاشفة التي هي
مفتاح الكتاب، لييسر الرجوع إليه والاستفادة منه. وسبق كل أولئك
حديث مستفيض عَذْب عن المؤلف وارائه وشيوخه وتلامذته، ومصادر
كتابه ومنهجه فيه.
ومعظم الكتب التي حققها لم تحقق من قبل، فقد كان يبغض تكرار
الأعمال ومضاربتها التي طوحت بجهود المحققين، اما ما أعاد نشره من
تحقيقات، كـ (أمالي ابن الشجري)، والجزء 16 و 28 من (تاج العروس)،
فإنها تُعطَ حقَها من التحقيق والتخريج والفهرسة.
بل إننا نجده لا يتوسع في ترجمة المؤلف، إن كان هناك حديث
مستفاض عنه، كالذي تراه في ترجمة أبي علي الفارسي عند تحقيقه كتابه
الشعر (1)، لأن الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي، قد صنع ترجمة كاشفة
__________
(1) نظر ما سيذكره المؤلف في معرض حديثه عن (كتاب الشعر)، ص 86. (ا لناشر)
31