كتاب محمود الطناحي عالم العربية وعاشق التراث

الدكتور محمود الطناحي بزد الله مضجعه، وهو أحد الأفذاذ الذين سعد بهم
عصرنا، وقد رحل عنا وهو في أوج نشاطه، وقمة عطائه، وأوان حصاده،
فترك في النفس لوعة، وفي القلب حسرة، وفي الفلعة -قلعة العربية -ثُلْمة،
رحل قبله شيخ العربية وفارسها، علأمة العصر شيخنا الشيخ محمود محمد
شاكر، فريع الحمى، وزثزلت الأركان، ولكن الأنظار في ظلمة هذا الخطب
المدلهم، تعلقت ب (محمود الطناحي) خلفأ وعوضأ، فقد كان وارث علم
الشيخ شاكر، وأقرب تلاميذه إليه، واخصهم به، وأكثرهم ملازمة له،
واعرفهم بعلمه، و إحاطة بمناهجه، وإ حساسأبد خا ئله، و إد راكأ لمشاعره.
كان الطناحي الرجاء والأمل في امتداد المدرسة (الشاكرية) حصن
العربية والأصالة، وقلعة الدفاع عن تراث أمة كامل متكامل، هو فخر
ماضيها، وسزُ حاضرها، وضوء مستقبلها.
ولكن قدر الله نافذ، فقد رحل عنا الطناحي، فكان هول الفجيعة
تجديداً لهول الفجيعة في شيخنا، بل كانت اشد واقسى، فإذا كنا تعلقنا
بالطناحي بعد شيخنا عوضأ وأملاً، فها نحن الان لا نجد من الطناحي
عوضأ وخلفأ والله وحده المستعان.
لم تكن الفجيعة في الطناحي فجيعة عامة فقط، بل كانت فجيعة
شخصية لكل من عرفه، أو تتلمذ له، أو استمع إليه، او حتى لقيه مجرد
لقاء، ذلك أن الرجل كان من القلائل الذين انعم الله عليهم بحلاوة،
وطلاوة، وسماحة، يقذف الله حئه في قلوب عباده، لا يملك من يراه إلا ا ن
يحئه، ويعشقه، واية ذلك ما كان في جنازته، ومجلس عزائه، فقد توفي
فُجاءة، وما هي إلا ساعات حتى ل! خبرُه القاهرةَ بملايينها، وزحامها،
وعجيجها، فاحتشدت في وداعه الجموع، وتضاعفت في سرادق عزائه

الصفحة 7