كتاب محمود الطناحي عالم العربية وعاشق التراث

الجماهير، ما جمعها إلا الحب، لم تسُقها إيالة قاهرة، ولم تدفعها قوة
قادرة.
وتوالت حفلات التأبين والمرا ئي، وتتابعت المقا لات في الصحف،
لا في مصر وحدها، بل في كل بلد عربي حل به، ما دفعها إ لا ا لحب (جُمعت
هذه المقالات، فكانت سِفْراً لطيفأ).
وبلغ من حب تلاميذه له وتأثرهم به أن تسفى أحدهم ب (غلام
الطناحي) واَخر باسم (الطناحي الصغير) جريأ على مألوف السلف.
رحم الله الطناحي، وبزَد مضجعه، وعوضنا فيه خيراَ.
***
اما مؤلف هذا الكتاب، فهو الابن الحبيب، والتلميذ النجيب الذي
ابا هي بأبوته، وأفاخر بتلمذته، ا لأستاذ أحمد ا لعلاونة، ا لذي توثقت صلتي
به منذ أكثر من عشر سنوات، عرفت فيه الباحث الدؤوب، الذي ذاق لذة
العلم، فأعطاه كل وقته، وكل نفسه، وأقبل عليه إقبال المحب العاشق،
فحنا عليه العلم، ومنحه من ئماره، ووطا له من أكنافه، وابان له عن
دروبه، فدَلَف إليها، متئداَ غير عجل ولا متسرع، بل يطيل التفكير
والتأمل، يجمع النظير إلى نظيره، ويقيس الشبيه بشبيهه، ويستقصي
المسألة مهما صغرت - ولو كانت ضبط حرف - من جميع اطرافها، ومن
جميع مَظانِّها، يُسائل العلماء الأعلام، ويذهب إليهم إذا جمعته بهم
الدار، ويكاتبهم ويهاتفهم إذا شطَ بهم المَزار، يبذل في لممبيل ذلك من
وقته وجهده وماله، بل كل ماله، بل يحيف على قوت اهله وعياله. وهو
مع ذلك لا يبغي من وراء العلم ربحأ، ولا جاهأ، ولا لقبأ. في زمن صار
الكل فيه يلهث وراء المال أو الشهرة، إ لا م! رحم ربك، وقليل ما هم.

الصفحة 8