كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

وكرامتها، وبحرية عقائدها، وبتثقيف عقولها بانتشار العلم في ربوعها.
وتحدث عن (المال في المجتمع الإسلامي) وقرر أنه كان مجتمعاً فيه
الفقر والغنى، ولكن لم يكن فيه استغلال ومهانة، واستشهد بنماذج باهرة من
أخلاقيات هذا المجتمع في المعاملات المتنوعة. يقول السباعي:
"مجتمع كان فيه أغنياء لا يخافون حقد الفقراء، لأنهم ادوا إليهم حق الله
في أموالهم، وفقراء لا يخشون شح الأغنياء، لأنهم ما برحوا في فيض غامر من
برهم وسخائهم، ولكن كانوا يتنافسون فيما بينهم، ويتسابقون إلى فعل الحْير
والحث عليه.
جاء الفقراء مرة إلى رسول الله عتيم فقالوا:
- يارسول الله. ذهب اهل الدثور (الأغنياء) بالأجور: يصلون كما نصلي،
ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول اموالهم.
قال: او ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟
إن لكم بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف
صدقة، ونهي عن المنكر صدقة 0 0 0 إلخ.
مظاهرة للفقراء من اغرب ما روا 5 التاريخ. . لم يحتشدوا فيها للاحتجاج
على قسوة الأغنياء وظلمهم. . فذلك ما لم يقع لهم قط، ولكنهم احتشدوا
ليعربوا عن آلامهم في تخلفهم عن الأغنياء في ميادين الخير والإحسان، فكيف
يفعلون؟ إنهم يريدون ان يكونوا مثلهم، يفعلون الخير، وقد ظنوا أن سبيله هو
المال فحسب، وهم لا يملكون ما ينفقون.
وكان جواب الرسول أروع ما يمكن ان يوجه إليه امثال هؤلاء، ليكونوا
بنائين للمجتمع، غير هدامين، إيجابيين غير سلبيين، عاملين لا عاطلين. . إ ن
سُبل الخير ليست وففاً على وجود المال. . بل إن سبلاً كثيرة يجدها كل إنسان
ولو كان غير غني، فلا يحرم منها مواطن، ولا يحال دونها فقير، إنه كف اللسان
100

الصفحة 100