كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

وانتشارها في سائر العواصم، والمدن، والبلدات، وكان لأساتذتها أزياء خاصة
بهم، اخذها الغربيون عنهم، وكان المسلمون يقفون لها الأوقاف الكثيرة، حتى
إن الإمام النووي (ت 676 هـ) لم ياكل من فواكه دمشق طوال حياته، لأن أكثر
بساتين غوطتها أوقاف سرقها الظالمون.
وتحدث عن (المستشفيات والمعاهد الطبية) وعن العناية بها، انطلاقأ من
المبادى التي قامت عليها حضارتنا، ومنها الجمع بين حاجة الجسم وحاجة
الروج، لتحقيق سعادة الإنسان.
وضرب ا لأمثال، ابتداء من اول مستشفى انثئ في ا لإسلا م في عهد الخليفة
الأموي الوليد بن عبد ا لملك، وهو خاص بالمجذومين.
وذكر ان هناك نوعين من المستشفيات، منها الثابت، ومنها المتنقل، وقد
بلغ احد المستشفيات المتنقلة - في ايام السلطان محمود السلجوقي -حداَ من
الضخامة، بحيث كان يحمل على اربعين جملاَ.
واما المستشفيات الثابتة، فقد عمت المدن والبلدات الصغيرة، وكان في
مدينة قرطبة وحدها، خمسون مستشفى.
وكانت هناك مستشفيات للجيش، والسجون، ومحطات للإسعاف،
ومستشفيات عامة، منها ما كان للذكور، وأخرى ل! ناث، ويحتوي كل
مستشفى على اقسام: للعيون، والكسور، وللأمراض الداخلية، والجراحة،
وللأمراض العفلية. . وهكذا انطلق المؤلف يعدد ويصف، وكانه يتحدث عن
المستشفيات الحديثة جداَ، وقد بلغ عدد الأطباء في بغداد وحدها (عام 391 هـ-
1 93 م) أكثر من ثماني مئة وستين طبيباَ.
وذكر المؤلف في هذا البحث طرائف تدل على تقدم لم تبلغه أرقى
المستشفيات في عصرنا، من مثل، أن المؤزَقين من المرض في المستشفى
المنصوري الكبير، كانوا يُغزَلون في قاعة منفردة، ويشنفون اَذانهم بالألحان
الشجية، أو بالاستماع إلى القصص التي يقصها عليهم ناس مختصون بالقص،
106

الصفحة 106