كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

كانوا يتظرون هذه ا لأحاديث، ويتجمعون في المنازل وا لأماكن ا لعا مة لسماعها.
وكانت نقطة البدء في علاج أخلافنا الاجتماعية من الفرد الذي هو الخلية
الأولى في بناء المجتمع، والدعوات الإصلاحية تبدأ طريقها من الفرد، والذين
صنعوا الدول، وأقاموا الحضارات، هم أفراد قويت إراداتهم، واستقامت
أخلاقهم، وخلت حياتهم من كثير من الآفات النفسية والخلقية الفاتلة.
ولإيجاد الفرد الصالح، أقيمت المدرسة والمعهد، وأفيم المسجد
والمعبد، والجمعية والنادي.
وكان حديثه ا لثاني (بين الاحتقار والغرور) موضحاَ خطر هذين المرضين:
الغرور الذي لا يقل عن خطر الخيانة، واحتقار النفس الذي يجعل المصاب به،
محطم ا لأعصاب، مسلوب ا لإرادة، فا قد ا لأمل، لا يثق بنفسه ولا بأمته، وتعاليم
ا لإسلام تبث الثقة با لنفس ثقة لا يقتلها ا لغرور، بل يضعها في موضعها ا لحق.
وفي حديثه عن (البخل والسرت) عالج هذين الداءين الوبيلين، وأعاد
سبب البخل إلى ضعف ثقة البخلاء بوعد الله ومثوبته لمن يبذل من ماله في الخير
طائعاَ مختاراَ، وموت الشعور الاجتماعي في نفوسهم، واستيلاء الأنانية القاتلة
على طباعهم، والإسلام ينهى عن البخل، كما ينهى عن الإسرات والتبذير.
وتحدث عن (الأنانية والإيثار)، وطالب الناس أن يعملوا الخير للخير،
مُوثرين على أنفسهم، لا يرجون ثناء، ولا يطمعون في مكافأة، بل يرجون وجه
الله وحد 5.
وتحدث عن سلبيات (الغلو في الحب والكره) وطالب بالاعتدال في كل
أمر، فالإسلام نهانا عن المغالاة في كل شيء، نهانا أن نغالي في رصل الله،
ونهانا عن الغلو في العبادة، ونهانا عن الإفراط والتفريط في النففة، ونهانا عن
اتباع الهوى في معاملتنا للناس، ونهانا عن العصبية الخارجة عن قواعد
العدالة. . هذه هي روح الشريعة: اعتدال في كل شيء، ووسط في كل أمر،
ونحن الأمة الوسط.
108

الصفحة 108