كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

دفع السلطات الاستعمارية إلى اعتقاله أول مرة عام 1931 م وهو ابن ستة عشر
عاماً، بتهمة توزيع منشورات تندد بالاستعمار الفرنسي في بلاد المغرب العربي،
ثم أفرجت عنه، نتيجة الهياج الشعبي الذي استنكر اعتقالها إياه، ثم ما لبثت أن
اعتقلته ثانية، عام 932 1 م ولبث في السجن ستة أشهر، بتهمة التحريض عليها في
خطبه في المسجد الكبير في حمص، عندما كان ينوب عن أبيه في خطبة الجمعة،
أو بعد صلاة ا لجمعة، وفي دروسه في المدرسة التي كان يعلم فيها.
وفي عام 933 1 م سافر إلى مصر، والتحق بالأزهر، وانتسب إلى قسم
الفقه، ونال الإجازة من كلية أصول الدين بتفوق.
كان السباعي طاقة جبارة، كان وهو تلميذ ابن اثني عشر عاماً يقرأ مجلة
(الفتح) القاهرية ويراسل صاحبها محب الدين الخطيب، وعندما صار في
القاهرة، بادر إلى الاتصال بعلمائها، وأدبائها، ورجالها، وكان فيمن سعى
إليه، صاحب الفتح الكاتب الأديب الثائر، والإمام الشهيد حسن البنا، وتعرف
على دعوة الإخوان المسلمين، وانتسب إ ليها، وصار من أبرز أعضائها، يخطب
في مراكزها وشعبها وفروعها، ويشارك في مظاهراتها، ويحضر أحاديث
مرشدها، فتزيده توقداً وحماسة، فينشط مع طلاب المعإهد والجامعة،
يحرضهم على الإنكليز المحتلين، ويقودهم في المظاهرات، ويخطب فيهم،
الأمر الذي جعل الإنكليز المحتلين يعتقلونه عام 1934 م وعندما أفرجوا عنه،
كان قد شحن في المعتقل بوقود جديد، فأعاد الإنكليز اعتقاله مرة أخرى عام
1 4 9 1 م بتهمة تأليف جمعية سرية لتاًييد ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق.
وبعد سهرين من اعتقاله سلمته السلطات البريطانية في مصر إ لى السلطات
البريطانية المحتلة في فلسطين، وأمضى في معتقلاتها اربعة أسهر عاد بعدها إلى
حمص، ليمارس نشا طه ا لسياسي ضد الاستعمار، وا لدعوي وا لوطني في صفوف
الجماهير، فاعتقلته السلطة الاستعمارية، ثم نقلته إلى بيروت وسجن (الميه
وميه) و (فلعة راشيا) بلبنان، وأمضى في الاعتقال ثلاثين شهراً، أشغالاً شاقة،
وتعذيباً، وتجويعاً، وهو صابر محتسب، يخفف بابتساماته ودعاباته ودروسه
12

الصفحة 12