كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

بين خيره وشره، بين نفعه وضرره. أما القلب، فهو ذلك الميل والاتجاه إلى
فعل ا لشيء أو تركه، فا لعقل ميزا ن، وا لقلب هو ا لموجه ا لأول لأعمال ا لإنسا ن ".
لىذا كان العقل مناط التكليف في الشرائع كلها، فلا اَيات القرآن العظيم
تصب اللوم على القلب لا على العقل، والقراَن يصف القلب أحياناَ بالسلامة،
وأحياناَ بالضلال والعمى والقسوة "ف! ذا كان العقل مناط التكليف وجودا
وعدمأ، فلا القلب هو مناط الشقاء والسعادة، والنجاة والهلاك ".
والقلب -عند السباعي -هو الميل وا لعاطفة، وا لنفس، وا لروح، والفلب.
وأهمية القلب - عند السباعي - ناجمة من "أن هذه الإنسانية ليست دائماَ
وليدة العقل، بل نحن نعيش في هذه الحياة بفضل القلب ".
وضرب على ذلك مثلأ بحياة الإنسان الفرد الذي كان ينبغي له ان يكره
هذه الحياة، لما فيها من متاعب من أول لحظة يتخلق فيها الإنسان، إلى أن يرحل
عنها، ولكننا جميعأ نحب الحياة مع كل اَلامها، وشقائها، وتعاستها "إذن نحن
نتخلى عن حكم العقل في حبنا للحياة، ونسير في حب ا لحياة وراء قلوبنا وعواطفنا
وميولنا وأهوائنا ".
وضرب مثلأ بهذا الطعام الذي باًكله الإنسان، والمتاعب التي يتحملها
الإنسان من أجل الحصول عليه، والتلذذ به لدقائق معدودات، ثم يذهب أكثره
فضلات.
وبالمرأة العاقر ا لتي تعد نفسها شقية في هذه ا لحياة لأنها لم تنجب، وبا لأب
الذي يشقى في سبيل زوجته واولاده، وبالإنسان الذي يضحي بحياته ليسلم له
شرفه، وبالكريم الذي بفني ماله الذي تعب وشقي في جمعه، ليقدمه للاَخربن،
ومع ذلك، فالكرم صفة محمودة لدى كل الناس.
وهذا يدل على أننا لا نسير دائماَ وراء العقل، لىنما نسير في أكثر الأحيان
وراء القلب والعاطفة ونحن سعداء، ولو لا تغليب القلب والعاطفة على العقل،
لما عاش الإنسان على وجه الأرض.
156

الصفحة 156