كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

عقله، لنهاه عن ان يكون نصيراَ لحركة باغية، مجرمة، ولكنه استجاب لنداء
قلبه، لأنه نشأ في وسط صهيوني، وقد شقيت الإنسانية بموففه العاطفي هذا.
وكذلك هيئة الأمم، وامريكة بالذات التي تحارب في اروقة هيئة الأمم،
كي تمنع بحث فضية فرنسة في مستعمراتها في المغرب العربي، حتى لا تغضب
فرنسة عليها.
والإنسإنية اليوم تشقى بتغليب العاطفة والهوى على العقل، وضرب مثلاَ
بهذا الانحلال الخلقي، وهذا التفكك الاتجماعي، وما يجرانه على البشرية من
شقاء.
وهكذا. . قد يكون انتصار القلب والعاطفة خيراَ ل! نسانية، وقد يكون
شراَ 0 ويتساءل: ماذا ينبغي ان نعمل إذن؟ ويجيب:
ينبغي ان تتجه جهود المصلحين جميعأ إلى احكام هذه العاطفة في
القلب. . ان يضبط هذا القلب، حتى يتجه اتجاهاَ كريماَ حسنأ، يكون في
انتصاره انتصار للخير، فشقاء الإنسإنية اليوم ليس لنقص العلم والعقل، فالعلم
اليوم اكثر منه في اي وقت مضى، والعقل اليوم، ليس اوسع منه، وبهذا
لا يستطيع احد ان يزعم ان الشقاء الذي تعانيه الإنسإنية اليوم شقاء عقل ناقص،
او علم ناقص. . الشقاء الذي تعانيه اليوم، شقاء قلب مريض، او قلب ميت.
وقارن بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبين ترومان الذي سمح له
ضميره - إن كان له ضمير - ان يثرد مليوناَ من الأنفس الفلسطينية، حتى إذا شكا
هذا المليون إلى هيئة الأمم، ولَى (ترومان) ضاحكاَ على هذا المليون المشرد
الذي اغتصب اليهود وطنه، ولم يعتبر تثريده ظلمأ ولا عدوانأ.
عمر خير ل! نسانية من ترومان، مع انه - عمر - كان اقل علماَ وثقافة،
ورقياَ مادياَ من ترومان، ومع ذلك عاقب امير مصر وابنه، لأن ابنه اعتدى على
صبي فبطي.
فالإنسإنية سعدت بالعلم القليل، مع القلب الكبير، وشقيت مع العلم
158

الصفحة 158