كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

الكثير والقلب الميت. وضرب مثلاَ اَخر بصلاح الدين الأيوبي الذي كان أقل
ثقافة من كل ملوكنا ورؤسائنا، ولكنه كان أبر بالمسلمين، وأجدى لتاريخ
الإسلام، منهم جميعأ، فقد أنقذ المسلمين من الاستعباد إلى قيام الساعة، ولما
مات، لم يخفف لأولاده وورثته درهمأ ولا ديناراَ، ولكنه خفف في كل بلد أثراَ
من آثار ا لبر، من مستشفى، او مدرسة، او مسجد، أو ملجا.
المشكلة ان حضارة اليوم صححت العقل، ولكنها افسدت القلب. .
قؤت العقل، ولكنها اضعفت القلب. . . وشَعت آفاق العلم، ولكنها ضيقت
آفاق فضائل النفس والروح والقلب.
"من اجل ذلك، كنا، نحن ابناء هذه الحياة وأبناء الإسلام، جديرين بأن
نفتش عن السعادة لا في آفاق الذين اتسعت علومهم، وماتت قلوبهم، بل في
آفاق الذين اتسعت فلوبهم وعقولهم معاَ".
الإسلام يسعى إلى إيجاد القلب الحي السليم في كل إنسان، وتزكية
النفس هي اول ما يطلبه الإسلام.
إننا لا نجد في التإريخ الإسلامي صاحب قلب كبير، إلا وهو صاحب
عفل كبير، ولكننا نجد في التإريخ كثيرين، كان الواحد منهم صاحب عقل كبير،
ولكنه لا قلب له، وهذا شيطان يوسوس للناس بالفتنة والفساد والضلال. من
اجل هذا ينبغي ان نحرص على حياة قلوبنا وسلامتها، لأنها مبعث الفضائل. . .
العقل الكبير يستحق إعجابك، ولكن صاحب القلب الكبير يستحق حبك
وإجلالك0
ثم توجه إلى الإخوان فقال:
"عليكم - ايها الإخوان - أن تعنوا عناية كبيرة بهذا القلب الذي حياته حياة
لكم وللناس، والذي موته ومرضه، موت ومرض لكم وللناس. إن دروسنا
ا لمقبلة ستتنا ول هذا ا لقلب، إن شاء ا لله: ا مراضه، وعلله، وعلاج هذه ا لأمراض،
والوسائل التي بها نستطيع ان نضمن هذا القلب الكبير اليقظ الحي الذي لا ينبثق
159

الصفحة 159