كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

كان الفتى قرة عين ابيه الذي راى فيه مخايل النبوغ، وانه سيكون - في قابل الأيام
- عالمأ، وخطيبأ، ووجيهاَ في الدنيا والاخرة، فأولاه عناية خاصة، وبذل له
من ذات نفسه الكثير، حببه بالعلم، وعلمه القران العظيم، تلاوة وحفظاَ،
وصحبه معه إلى مجالس العلماء، ليصقل نفسه، ويربي عقله، وينمي مداركه
التي ظهرت اكبر من سنه، وأعلى من مدارك لداته، ودربه على الخطابة وهو
فتى، بل قبل أن يتجاوز سن الطفولة، فكان الطفل مصطفى يرتقي أحد الكراسي
ويخطب في أسرته، أثناء تناول الطعام، وفي لحطات السهر والسمر، والوالد
يشجعه، وتدمع عينا الوالدة وهي ترى طفلها منفعلاَ بما يقول، فترفع يديها،
وتشخص بعينيها، ضارعة إلى المولى الرحيم، ان يتولى طفلها بعين عنايته
ورعايته، والطفل سعيد بما يفعل، وبما يرى ويسمع، فيزداد تعلقه بالقراَن،
وبحديث رسول الله -لجي!، يحفظه ويخطب به في مسجد أبيه في ايام رمضان،
وأثناء الدروس التي كان يلقيها ابوه الذي كان يطلب منه ذلك، ليعؤده على
ذلاقة اللسان، وتستوسق له ملكة الفصاحة ارتجالاَ.
ب - تعليمه:
كان السباعي يتلقى العلم من جهتين: جهة أبيه الذي عفمه القراَن الكريم
تلاوة، وتجويداَ، وحفظأ وفهماَ، كما عفمه مبادى النحو والصرف واللغة،
والفقه والحديث، وصحبه إلى مجالسه مع علماء حمص، ليحضر تلك الحلقات
العلمية، ويتشرب حب العلم والعلماء، من خلال تحاور أولئك العلماء والكبراء
بعضهم مع بعض، فدبئ من علومهم الشيء الكثير، ونهل من أخلاقهم، وتعلم
منهم الصبر على المدارسة من اجل الفهم والاستنباط، وعرف منهم ان ئمة طرائق
أخرى للتحصيل العلمي، وبناء الشخصية السوية، كالمطالعة الحرة، ومعايشة
الكتاب في المكتبات العإمة والخاصة، ومن جهة اخرى: من المعهد الثرعي
الذي درس فيه بحمص.
ف! ذا أضفنا إلى هذا تعليمه في الأزهر، ومصاحبته العلماء الأحرار الكبار
في مصر، أولئك الثوار على الاستعمار والتغريب وسائر اشكال التخلف
22

الصفحة 22