كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

السباعي خطيباَ
لم يعرف عالَمُ الخطابة - في العصور العربية الحديثة -اخطب من الدكتور
مصطفى السباعي، ولا أبلغ بلاغة، ولا أفصج فصاحة، ولا اشد تأثيراً منه في
سامعيه، فكانت له يدٌ بيضاء في السمؤ بها إلى مرتقى سامق، لم تبلغه من قبل،
ولم تشهد 5 من بعد، برغم م! افاد من براعته من جاء بعد 5، وحاول تقليد 5، أ و
الذبَئ في مسالكه، ولكنه لم يبلغ شأوه.
كان السباعي - الخطيب المصفع - يبث في الناس، كل الناس، روح
الحرية، والكرامة، واستقلال الشخصية، والعزة النفسئة. بم! اوتي من فصاحة
لا يبعد بها عن مألوفهم، ولا يتناءى عفا عرفو 5، فلم يعلُ على مداركهم، إلا
ليرتفع بها شيئاً فشيئاً، فأحئو 5، وعشقوا خطابته التي تصعد بهم في مدارج
الخيال والذكريات، ثم تعود بهم إلى الواقع المعيش، فتهرهم هراً بجزالة
الفاظها، وجمإل عباراتها، وجلال معانيها التي كانت تدغاع مراكز الشموخ
والكرامهْ في نفوسهم، فما كانت لفظة (الكرامة) لتغيب عن خطبة من خطبه
الشفاء، وكذلك كل معنى شريف من معاني الحرية، والشهامة، والأخوة،
والدبئ، والجراة والإقدام، والشجاعة والكرم، وسائر مبادئ الإسلام،
وتعاليمه، وقيمه الأصية.
كان يأسر سامعيه بأسلوبه الفذ الذي كان يستخدم ألوان الفصاحة والبلاغة
دونم! تكلف، فقد كان يستهويهم بتصرلْه في فنون القول، ويثير مشاعرهم،
وهو يتنقل بهم، من التقرير إ لى الاستفهام، ومن التهكم والسخرية المهذبة إلى
التعجب، ومن الجد إلى الدُعابة التي تص! ث في بؤرة الشعور، وتخدم الموضوع
الذي هثأ له نفسه، و حشد م! حشد من ألوان التاًثير على المشاعر وا لأحاسيس،
54

الصفحة 54