كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

أذكر أنه في (يوم الحِدَاد العإم) الذي أقامه الإخوان استنكاراً لمذبحة
الدعإة في مصر عإم 1956 وفيماكان السباعي يعتلي منبر الجامع الأموفي الذي
غمق بعشرات الَالاف، ويدوي صوته الجهوري في جنبات الأموي وما حوله،
نهض (شيخ) وصار ينعق بصوت كصوت البوم، يعترض على هذا الحفل
الحاشد، ويبرر لفرعون طغيانه وقتله الدعإة، ولكن صوت السباعي الهادر،
ذهب بذلك الغثاء، وقذف به إلى بعيد، وهو يروي قضة بعض مثايخ السوء،
مثايخ السلطان والشيطان، الذين باعوا دينهم، واخلاق الرجال، وكرامة
العلم، بلعاعة من دنيا الظالمين. . كان موقفاً حرجاً، ولكن السباعي الخطيب
الإعصار، قذف به إ لى بعيد، فلم يسمع له احد، وكان كالزبد.
كان السباعي يخطب الساعة والساعتين والساعإت الثلاث والأربع، يتدفق
ا لكلام ا لحلو من ا لفم ا لحلو في سائر أحواله، حتى وهو يرغي ويزبد كداعية حرب
ونزال. . وهو في ا لبرلمان يحاول إ قناع زملائه النواب. . وهو يخطب في جماهير
المتظاهرين. . وهو يخطب في المسجد خطبة الجمعة. . وهو يرد على بعض
السياسيين. . وهو يرد على بعض المفكرين المنحرفين. . الكلمات القوية. .
والمعاني الراسخة. . وحركات اليد، والقبضة الحديدية التي ترافق تلك
الكلمات والمعاني، والصرخة الحزة الأبية، والثبرة التي تأتي عإلية حينأ وحيناً
حيئة. . كانت من بعض مقؤمات خطابته، وعناصر نجاحه فيها.
ونضرب مثالاً على خطبه المرتجلة، فعندما وقف على قبر أمير البيان:
شكيب أرسلان، ساعة دفنه في العإشر من كانون الأول 1946 ارتجل كلمة
بدأها بتسعة ابيات رائعة، كانت بنت لحظتها، ثم خاطب الفقيد بقوله:
إيه ابا غإلب!.
يا مالئ الدنيا وشاغل الناس!.
يا من كنت إ لى آخر ايامك في الحياة، تنصح وترشد، وتعفم وتوقظ، فما
عرف فكرك الجمود، ولا جسمك الراحة، ولا قلمك الركود، وإنما كنت ثورة
جامحة، تزلزل أركان الاستعمار، بما تنفحه في العرب والمسلمين من اَيات هي
56

الصفحة 56