كتاب مصطفى السباعي الداعية الرائد والعالم المجاهد

فلما أن قامت ل! سلام دولته الأولى في المدينة، تكوَنَ أؤَل مجتمع-
لا في الجزيرة فحسب، بل في تاريخ العالم كله - تسوده روح التعاون والتناصح
والشعور بالمسؤولية: مسؤولية المجتمع نحو أبنائه، ومسؤولية كل فرد نحو
إخوانه الاخرين ".
ثم تحدث عن الدولة الإسلامية الفتيّة في عهد الرسول - عليه الصلاة
والسلام - فذكر أول خطبة له حين قدم المدينة، وبين فيها أن أبرز شعارات هذه
الدعوة، عمل الخير، والإنفاق في سبيل الله.
ثم كتب رسول الله ع! م! مكتاباَ (معاهدة) بين المهاجرين والأنصار، بيّن فيه
دعائم الأخوة التي تقوم بينهم في المجتمع الجديد، وأقر فيه اليهود على دينهم
وأموالهم، وعاهدهم على الحماية والنصرة ما أخلصوا للدولة الجديدة،
والنظام الجديد!.
ئم ذكر السباعي تسعة عشر مبدأ تضمنتها هذه المعاهدة، أخذ رسول الله
!! في تنفيذها، فعاشت - في الدنيا لأول مرة - عاصمة دولة لا تعرف الحقد،
ولا الاس! شار، ولا البغي، ولا الفجور، ولا القسوة، ولا موت الضمير.
" ثم تطورت الدولة بعد ذلك، فأرسل الرسول ع! رِو الولاة إ لى جميع انحاء
الجزيرة، يجمعون الزكاة، ويصرفونها في مصارف التكافل الاجتماعي، فلكل
فقير حاجته، ولكل متزوج إعانته، ولكل أعمى قائده، ولكل مُقْعَدِ مساعده،
ولكل مدين سداد دينه، ولكل من يموت فقيراَ حماية أسرته بعد وفاته، وحُقنت
الدماء، وحُفظت الأعراض، وصِيْنت الكرامات، وتحرر الناس من الجهل
والخوف والخرافة!.
" ثم توفي الرسول - صلوات الله وسلامه عليه -وتولى ا لخلافة بعده أبو بكر،
وواجه حوادث الفتنة الداخلية " إذ ارتدت قبائل، وامتنعت أخرى عن دفع الزكاة،
وخاضت الدولة الإسلامية معارك طاحنة، انتهت بدحر الفتنة، واسترداد الدولة
الإسلامية حق الزكاة، وتنفيذ مبادى التكافل الاجتماعي. "ونعتقد أن هذه أول
98

الصفحة 98