كتاب مصطفى سعيد الخن العالم المربي وشيخ علم أصول الفقه في بلاد الشام

كان! ذا الشيخ الوقور يلقي درسأ بعد صلاة الفجر ئي مسجد غير
متسع (1)، وكان المسجد يغصُّ بالمصلين الحاضويق لاستماع درسه،
حتى إن كثيرأ من الناسق كانوا يبسطون الحصر في الشارع، ليسمْمعوا إلى
مواعظه وإرشاد ا ته.
وكنت - وانا صغير السِّن - اَتي قبل الفجر من مكان بعيد، لأستمعَ
إلى هذا الدرس، وكان كلامه يفعل في النفوس -كما يقولودْ! فعلى المممحر،
مع بساطة التعبيو. حتى إن بعض الناس ممن لم يتسع لهم المسجد
لامتلائه، ولم يكن هناك مكان يخوله أن يسمع من الشيحْ ما يقول، كان
يكتفي بالنظر إلى الشيخ من بعيد، ودموعه تنهمر من عينيه رقة وتأثراً.
وكان كلامُه يخرج إلى حيز التطبيىْ فور انتهائه من! ذا الدرس، وإنني مع
كثرة من التقيتُ به لم أرَ هذا التأثيو إلا في القليل النادر.
قال له واحد من تلاميذه يومأ: إننا نلقي على الناس دروساً متنوعة،
ولا نرى في الناس هذا التأثيو الذي نلمسه في درلممك! ولا لرى إقبالاً من
الناس مثل هذا الإقبال غير الطبيعي! مع أننا نتحدَّث بالتفسير " والحديث،
والفقه، وا لوعظ، وغير ذلك!.
أجاب الشيخ بقوله: يابني! لولا الحاجة لم أتكقم، إد! هذا الدرس
الذي تسمعه مدعوم بقراءة عشرة أجزاء مق القران قبل الفجر، بقصد أدْ
ينفع اللّه المسلمين بما أتحذَث به " (2).
(1)
(2)
هو جامع السادات الواقع في مدخل شارع مدحت باشا في دمشق، ولسُمي
بالسادات لوجود بعض قبور الصحابة الكرام فيه. والله أعلم.
تقديم الأستاذ الدكتور مصطفى الخن لكتاب (أبو الحسن علي الحسني الندوي:
الإمام المفكو الداعية الأديب)، ص 8 - 2 1.
23

الصفحة 23