كتاب مصطفى سعيد الخن العالم المربي وشيخ علم أصول الفقه في بلاد الشام

أوَّل لقاء لي به عندما كنت طالباً في الأزهر عام (951 أم) حينما زار
القاهرة، ولم يرد أن يُخلي زيارته لمصر من الدعوة إلى اللّه تعالى وتبصير
طلاب العلم بما يجبُ عليهم تجاه دينهم وأمّتهم، فطلب أن يجتمع
بطلاب العلم الوافدين من البلاد الإسلامية، فاجتمعوا، فألقى فيهم
محاضرة قيِّمة، ملؤها الإخلاص وحُسن التوجيه، ولم أكن أنا قبل ذلك
الوقت قد التقيتُ بالشيخ أبي الحسن، ولكن شهرته قد عقَت العالمَ
الإسلامي، ومؤلفاته قد تناولها بالقراءة العام والخاص، وانتشرت انتشار
النور على سطح ا لأرض، وتلقَّاها أرباب الفكر ا لإسلامي بشغف، وعكفوا
على دراستها وتوضيج مضمونها.
لقد كانت تلك المحاضرة يتجلَّى فيها إخلاص العالم لدينه، وحرصه
على بذل ما أنعم اللّه به عليه من علم وقدرة على التوجيه، وبخذب قلوب
المستمعين إليه، وتأثّرهم بما قدَّمَ إليهم من فوائد ونصائج، فلم تنقضِ
المحاضرة إلا وقد عزم كل واحد من الحضور أن يكون داعيةً إلى الله سبحانه
وتعالى، على علمٍ وبصيرة وإخلاص.
كان هذا هو اللقاء الأول بأبي الحسن، واما اللقاء الثاني، فكان عندما
دعته جامعة دمشق لإلقاء محاضرات فيها. وكنتُ اَنذاك هدرّساً محاضراً
في كلّية الشريعة.
ولقد ظنّت جامعة دمشق أن الشيخ أبا الحسن شأنه شأن كثير ممن
يُدعى لإلقاء هحاضرات فيها، فيتجلّى فيها عند ذلك ما يعرف عنها من
تكويم وإكرام، فتنزله في نزل لائق، وتُغدق عليه ما عُرف عنها من ترحيب
و!! ممر ام.
ولكن موقفاً غير متوقع قد حصل، مما لم يكق له سابقة فيما أعلم
28

الصفحة 28