كتاب مصطفى سعيد الخن العالم المربي وشيخ علم أصول الفقه في بلاد الشام

في حياة الجامعة السورية. وذلك أن الشيخ (أبا الحسن) حفظه الله أبى
أن ينزلَ في نزل م! ما كانت مكانة هذا النزل، بل اختار ان ينزل في غرفة
متواضعة في بيت من بيوت الله تعالى، الكائن في منطقة الحلبوني، وماذاك
إلآَ ليهيِّى نفسه للقيام بالمهمة التي هيأ نفسه للقيام بها، ألا وهي الدعوة
إلى الله تعالى بالروح لا باللسان فحسب.
ألقى الشيخ (أبو الحسن) محاضراته القيّمة، ولم يكن هدفه أن يملأ
فراغاً، بل كان يلتمس الأمور التي كان المستمعون وغيرهم بأمسّ الحاجة
إليها. فكانت هذه المحاضرات كما تحوي العلم الجتمَ والفهم العميق
لمقاصد الدين ا لإسلامي، كانت تحوي التوجيه والإرشاد، والنصح للأمة
الإسلامية جمعاء، فكان فيها الإنسان المعلم والمخلصالناصح الواعي.
في هذه المحاضرات لم يكن لسانه هو الذي يتكلّم فقط، بل كانت
روحه المشعّة تسيطر على أرجاء قاعة المحاضرات في الجامعة السورية،
ولمكانة هذه المحاضرات العلمية والروحية، سُخلَتْ ووُضعَتْ في كتاب،
ونُشرت لتكون مناراً يُهتدى به في العالم ا لإسلامي جميعه.
في هذه الزيارة اقترح - رحمه الله - أن يأخذني مدرّسأ في جامعة
الهند، وكلم في ذلك وزير التربية اَنذاك، فما كان من الوزير إلا أن استجاب
لذلك، ودعاني إليه ليتبيَّن موافقتي على ذلك، فلم يكن مني إلا تمام
الموافقة، ولكن أمورأ أجهلها حالت بيني وبين القيام بهذه الخدمة
الإسلامية المهمة، واللّه يحكم لا مُعَقِّبَ لحك! ه، وكان أمر اللّه قدراً
مقدورأ، وكم كان بودَي لو تمَّ هذا ا لأمر.
وكان اَخر لقاء لي مع الشيخ أبي الحسن - رحمه الله تعالى - في بيت
شيخى وأستاذي ومربيَّ فضيلة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني تغمَّده
29

الصفحة 29