كتاب مصطفى سعيد الخن العالم المربي وشيخ علم أصول الفقه في بلاد الشام
وكان الأستاذ (مصطفى) بحق مدزسأ وقورا وموئرا وناجحاَ، في
معايير طرق التدريس الحديثة كلها، لقد ترك في ثانوية بلدة (الباب) أثراَ
طيباَ لا يُسمى من الناحية العلمية والمسلكية، إنه الاَن في عالم التدريس
يدخل إلى مدارس منظمة ومنضبطة، وإلى فصول (صفوف) مجهَّزة بألواح
ومقاعد، وضمن أوقات يومية وشهرية وسنوية محدَدة، ومواد دراسية
متنوعة. ورصيد ماضيه في جامع منجك، وتربية أستاذه الشيخ (حسن
حبنكة) وممارسته التدريس في معهد التوجيه الإسلامي، كلها مقدمات
تؤدي إلى عطاء ملفت، ونجاح ظاهر ومطرد، في كل ئانوية درَّس فيها.
وضبط الطلاب في الصف كان ولا يزال هو مَحَكُّ النجاح أو ا لإخفاق
في مهنة التدريس، والمدرس الناجح بحصافته وموهبته بطل متوَج، يخرج
من حصصه منتصراَ ويدخل منتصرأ، ولاشك ان الزاد العلمي والتحضير
المسبق يزيد ا لعمل سلاسة، ويزيد الطلابَ تعفُقأ وا نضباطأ.
وكان الأستاذ (ابو محمد) يدخل إلى الصف لأول مرة، وفيه كوكبة
من المتفوقين، وجمهرة من المشاغبين، فلا تمض دقائق خمس، إلا وقد
انجذب الجميع إلى كلامه الهادى وصوته الرخيم، يخرج سلساَ عذباَ،
فيصافح ا لأسماع والقلوب، ويُحزك المشاعر، ويفرض الحمت وا لاحترام.
ولقد زرته في دار المعلمين بدمشق، فرأيت الطلاب يرافقونه بعد
انتهاء الحصة إلى غرفة المدرسين، بعضهم يسأل، وأكثرهم لا غاية لهم
إلا أن تبقى أبصارهم ترى بسمته العذبة، وأن تبقى أسماعهم تستقبل صوته
الهادى، وتسمع تعليقاته الحلوة وأجوبته المُفْحِمَة، و أمثلةَ الحياة الشاهدة.
ودخلتُ إلى صف! في ثانوية ابن خلدون، وكان العدد كبيراَ يزيد
على الخمسين، وهم طلاب في الثاني عشر العلمي، واستطعت من خلال
38