كتاب حمد الجاسر جغرافي الجزيرة العربية ومؤرخها ونسابتها

لمشقات أشد نَصَبَأ وألماَ حين تكون المسافات طويلة، يسافر مرة من إستانبول
إلى مدينة قونية عبر أنقرة، فيقضي النهار وهزيعأ من الليل وهو في أكثر من
(حافلة) إلى أن يصل إلى مراده، ويقضي مرة اثنتين وعشرين ساعة في القطار
ساعياَ إلى مدريد من باريس بهدف التردد على مكتبة الإسكوريال التي تبعد عن
مدريد نحو سبعين كيلاَ، ويزورها أكثر من مرة، ويطلع على كثير من مخطوطاتها
ويصفها، وينسخ منها، ويعفق على ماذتها، ويصؤر بعضها.
وكان حين يحط في مدينة ليطلع على مخطوطاتها، يسمع ان بمدينة
أخرى مخطوطات، ولم يكن في خطته زيارتها، فيسافر إليها غير ياثس من
مطئة فائدة علمة يجنيها على أن يعود إلى إكمال مأربه الأول.
ويندر أن يطهر في كتابه وهو يشد الرحال للمخطوطات أنه جاء - بإزائها
الهدف الأول - للعلاج، فقد كانت المخطوطات تنسيه نفسه، وتستنفد صحته
وماله، فيرهق من كثرة المطالعة والنسخ، ويصرف الأموال في تصوير ما يريد
منها.
ويحدث أن يزور المدينة أكثر من مرة إذا ما أح! أن زورة واحدة لا تشبع
رغبته في الاطغ، فيزور إستانبول ثلاث مرات، لأنها تحوي من تراث العرب
والمسلمين ما لم تحؤِ مدينة غيرها، يطؤف في خزائن كتبها، وينقب عن
نفائسها، ومثلها باريس التي زارها مرتين، ومكتبة الإسكوريال في إسبانية التي
زارها مراراَ في أعوام مختلفة.
وهو في زيارته لخزائن الكتب يحرص على ذكر أعداد مخطوطاتها، ومن
ثم يفصل في تاريخ هذه المكتبات ونشأتها ومصادرها انظر ص 4 2 1 وما بعدها،
ويفصل في مكوناتها وفهارسها، ومدى قدرة هذ 5 الفهارس على الكشف عن
كنوزها، ويذكر ما ضئم إليها من خزائن كتب أخرى، كما فعل في حديثه عن
المكتبة السليمانية ب! ستانبول (5 2 1 - 28 1).
ويلمس الجاسر إشكالية من إشكاليإت المخطوطات العربية وهي أ ن
108

الصفحة 108