كتاب حمد الجاسر جغرافي الجزيرة العربية ومؤرخها ونسابتها

غير أنه ينبْه إلى الدافع لكل ما تقدم لا يخفى على احد، لقد كانت هذه
الوسائل في أول الأمر بهدف السيطرة على الشعوب باي نوع من انواع السيطرة
- سياسية أو فكرية أو دينية -، ثم اتجه بعض المستشرقين - وقليل ما هم-
وجهة أخرى، هي الوجهة العلمية الخالصة بعد أن تطورت الحياة وتغئرت
أساليها، وانتفضت الشعوب انتفاضة القوة والعلم، ووجد بين العرب أنفسهم
من العلماء مَن لا يقل معرفة وسعة اطلاع عن كبار أولئك المستشرقين منهم، بل
يفوقهم بفهمه لكثير من أحوال أمته، ومن هنا يصح القول - عنده - بان دور
المستشرقين قد انتهى (17 3 - 18 3).
ومن باب حبه للعلم وحديثه عنه اهتئم بالغ الاهتمام باصدقائه وتلاميذه
من المشتغلين بالتراث، وكان وفياً لهم، كريماً معهم، وفي فكره دائماً أخبارهم
العلمية وما يحتاجون إليه من نسخ المخطوطات، وكان في تجواله للبحث عنها
يصور ما يحتاجه ذلك الصديق أو أحد التلاميذ دون أن يكون قد طلبه منه،
ويهديه المُصَؤرة دون مقابل أو كان - على أقل تقدير - يكتب إلى الصديق ا و
التلميذ بفائدة وجدها، وهو يعلم أنها تهمّه، او يبعث إليه بخبر عن نسخة عثر
عليها أو ملاحظة يفيد منها (ص 26. 95، 331).
ومن صفاته اللازمة له أن كان فَكِهَ الروح، لا يفقد الروح في أحلك
الأوقات وأضيقها، وكان يبتدع صوراً مضحكة ولو كانت على نفسه، وتظهر
مثل هذه المواقف الساخرة في أكثر من موضع من كتابه (ص 219، 296،
0 30. 301، 308، 309).
وكثر ما يمئز كتاباته كثرة محفوظه من الأشعار والأمثال، وقد حصر
الأستاذ عصام الشنطي هذه الرحلات تاريخاً؟ فأقدمها مما ظهر في الكتاب في
الربع الأخير من عام 1960 م (380 اهـ)، واحدثها وقع في صيف 973 ام
(393 ا هـ)، فكان الزمن الذي قطعت فيه هذه الرحلات نحو ثلاثة عشر عامأ.
! هـ!!
111

الصفحة 111