كتاب حمد الجاسر جغرافي الجزيرة العربية ومؤرخها ونسابتها

يقف منه الباحث موقف الحيرة بسبب تضارب الأقوال، ولو تمكن من التنقل
الواسح في الجزيرة لخرج من هذ 5 الحيرة، واستطاع أن يحدد الموقع تحديداَ
صحيحأ.
3 - عني المتقدمون بإيراد أقوال مختلفة متضاربة في تحديد موقع ما
فهناك من يقول: إنه في بلاد بني فلان، وآخر يخالف هذا القول، وثالث يبعد
الشقة، ولم يلاحظ كثير من المتقدمين من المؤلفين أن الاسم الواحد قد يطلق
على مسقَيات عديدة، ولم يدرك بعضهم أن الفبائل من طبيعتها نقل كثير من
أسماء بلادها المحبوبة إلى أماكن أخرى، ومن ثَئمَ نجد الخطأ الفظيع في تحديد
ا لمواضع.
4 - هناك أسماء مواضع متشابهة الاسم، ومن عادة العرب تسمية الموضع
بصفة قريبة من طبيعته، ومن هنا نشأ إ طلاق الاسم الواحد على مسميات مختلفة
تتصف بصفة واحدة، دمان كانت المواقع متباعدة، وهذا مما لم يلحظه كثير من
المؤلفين.
5 - هناك اسماء كثيرة أوردها المتقدمون محزَفة مصخفة، وعذرهم في
ذلك أنهم ينقلون عن كتب ألفت في اول العهد الذي بدأ فيه التأليف العربي،
ومؤلفو ذلك العهد لا يعنون كثيراَ بضبط الاسم، ومن هنا نشأ التحريف
والتصحيف، وعن هذين نشأ الغلط مما لم يدركه المؤلفون المتأخرون، يضاف
إلى كل ذلك بعد مؤلفي معجمات الأمكنة عن جزيرة العرب.
هذه قد تكون أهم الأسباب التي أوقعت الحَيْرة في تحديد كثير من
الأمكنة، وهي حَيْرة لا يمكن التخفُص منها إلا بزيارة المواضع ومشاهدتها عن
كثب وتحديدها بعد تلك المشاهدة، وهما أمران لم يتشَن للمتقدمين القيام
بهما، وليس من السهل لأي فرد مهما بلغ قدره القيام بذلك، إنما هو مما يجب
أن تتكاتف على القيام به جماعات كثيرة، فإلجزيرة بلاد فسيحة متباعدة
الأطراف، واسعة الأرجاء.
26

الصفحة 26