كتاب حمد الجاسر جغرافي الجزيرة العربية ومؤرخها ونسابتها

من عن له راي صالج، وما من أحد يصغر عن أن ينقد، كما أنه ما من احد يكبر
عن ان يُنقَد. وإذا ادركنا أن الكتاب المنقود هو الكتاب المقروء كانت النظرات
في الكتاب دليلاً على حبنا لهذا الكتاب وقراءتنا له، وكثير من المؤلفات لا يبلغ
من الأصالة والقوة ما يجعلها عرضة للنقد، وما أحسن قول الأستاذ محمود
محمد شاكر: "فإن جودة العلم لا تتكون إ لا بجودة النقد، ولولا النقد لبطل كثير
علم، ولاختلط الجهل بالعلم اختلاطاً لا خلاص منه ولا حيلة فيه " (1).
والكتاب العظيم لا يحفل كثيراً بموافقة أو مخالفة، فحسبه أن يحرك
الساكن، ويجري الراكد، ويهز المألوف، بل إن المخالفة قد تعجبه أحياناً لائها
ترده إ لى الرا ي ا لأول، فيستدرك فا ئته ويكمل نقصه، فيزداد جلاء ووضوحأ، وقد
يقتنع بالرأي المخالف إذا عرف صدقه ولمعت امامه أنواره، وثبتت لديه صحته،
فيرجع عما قال راضياً سعيداً على ما كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه
إلى أبي موسى الاشعري رضي الله عنه في القضاء: لا يمنعنك قضاء قضيته إليوم
فراجعت فيه عقلك، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم
ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل (2).
ويقول الجاسر في كتابه: نظرات في كتاب تاج العروس: " وأعلم علم
يقين واطمئنان أن تقديس العلماء له حدود إذا تجاوزها صار كفراً وزيغاً، وأن
من تعطيمهم السير على النهج القديم الذي سئوه وساروا عليه وهو أنهم بشر
يصيبون ويخطئون، وليسوا رسلاً معصومين، وانهم لا يرضون من أحد أ ن
يقلدهم تقليداً أعمى، فيقبل جميع أقوالهم قبل أن يزنها بميزان يوضح صوابها
من خطئها. ومن الوفاء للعلماء ومن تقديرهم بيان ما في اقوالهم من خطأ لئلا
يكثر متابعوهم على ذلك، فيكثر الضلال، وهذ! يتنإفى مع وظيفة العلماء في
هذه الحياة " (3).
(1)
(2)
(3)
كتاب المتنبي، ص 67 4 0
ا لكامل للمبرد: 1/ 0 2.
تاج العروس، ص 4 3 هامق.
36

الصفحة 36